أفادت مصادر في الائتلاف الحكومي المغربي أن رئيس الوزراء عبدالإله بن كيران ستيرأس اليوم اجتماعاً لإقرار برنامج حكومته قبل عرضه على البرلمان لحيازة ثقته. وأوضحت أن الخطوط العريضة للبرنامج الذي يتوقع أن يكون محل نقاش محتد بين المعارضة والغالبية، «تشمل أولويات تكريس العدالة الاجتماعية وتعزيز دولة المؤسسات والحريات والتزام النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة»، إضافة إلى «تنفيذ مقتضيات الوثيقة الدستورية، بدءاً من إرساء معالم نظام جهوي (لامركزي) متقدم وترسيم آفاق السياسة الخارجية للبلاد في ظل الدفاع عن قضية الصحراء». واستغرق إعداد البرنامج الحكومي الفترة الممتدة من تعيين بن كيران إلى إعلان تشكيل حكومته، على أساس توافقي بين الأحزاب الأربعة المنضوية في الائتلاف، وهي «العدالة والتنمية» و «الاستقلال» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية». وسيكون عرض البرنامج أول فرصة سانحة لاختبار تماسك الغالبية وردود المعارضة التي يقودها «الاتحاد الاشتراكي» إلى جانب قوى يمينية ووسطية أخفقت في استمالة الناخبين في اقتراع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال القيادي في «الاتحاد الاشتراكي» حسن طارق إن حزبه «لا يمكن أن يبقى طيلة حياته في الحكومة، كون البلاد في حاجة إلى معاودة تعريف مفهومي الغالبية والمعارضة». وأكد أن موقف حزبه «اختيار وليس اضطراراً». وانتقد «مفهوم المعارضة التي تستند إلى الاختلاف من دون أي برنامج أو تعاقد سياسي أو مشاريع واضحة». وفي صفوف الغالبية الجديدة، انبرى «التقدم والاشتراكية» باتجاه الدعوة إلى تصحيح «اختلال» غياب حضور كاف للمرأة في حكومة بن كيران. وقال المكتب السياسي للحزب في بيان إن تدارك ما حدث من شأنه تعزيز «المكاسب الديموقراطية والسياسية التي تحققت لفائدة المرأة المغربية في إطار المشروع الحداثي الذي تشهده البلاد». لكن مصادر حزبية أوضحت أن صدور البيان هدفه استيعاب بعض مظاهر التململ التي سادت صفوف الحزب نتيجة عدم قدرته على الدفع بنساء إلى الواجهة الحكومية، بعد أن تردد أنه اقترح الناشطة الصحراوية كجمولة بنت ابي لمنصب وزاري. إلى ذلك، يبدأ رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أول زيارة عمل إلى المغرب بعد فوز حزبه «الشعبي المحافظ» في الانتخابات الأخيرة. وأبدت مصادر مغربية اهتماماً بالمبادرة التي ساعدت في عودة الدفء إلى علاقات البلدين التي سادت مخاوف إزاء إمكان تعرضها إلى نكسة. وشدد وزير الشؤون الخارجية سعد الدين العثماني على أن توطيد علاقات التعاون مع مدريد سيكون في صلب عمل الحكومة المغربية في مجال السياسة الخارجية. وأضاف: «سنعمل على تجاوز الخلافات لتحقيق التقارب». وينظر مراقبون إلى الانفتاح الاسباني على المغرب باعتباره مقدمة لتحولات جديدة في الوضع الإقليمي، خصوصاً أن مواقف «الحزب الشعبي» كانت تميل إلى دعم أطروحات تعتبرها الرباط «متحيزة» في ما يخص ملف الصحراء والعلاقات الثنائية بين الرباط والجزائر. لكن أزمة رفض البرلمان الأوروبي تمديد العمل باتفاق الصيد الساحلي الذي كان مبرماً مع المغرب، دفع بالأحداث على نحو إيجابي بسبب الانعكاسات السلبية للقرار على الصيادين الاسبان.