نجح المقاتلون المعارضون للنظام السوري ان يقطعوا عمليا الطرق التي تربط محافظة الرقة (شمال شرق) بمدينة حلب (شمال)، بعد استيلائهم ليل الاحد الاثنين على سد استراتيجي على نهر الفرات، في وقت تتواصل العمليات العسكرية في دمشق ومحيطها، فيما قصفت طائرة حربية سورية مقر للقيادة المشتركة للمجالس العسكرية المعارضة للنظام في شمال غربي سورية قرب الحدود التركية. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان ان «مقاتلي الكتائب الثائرة سيطروا على سد تشرين والابنية المحيطة به بريف حلب وذلك اثر اقتحام مقاتلين من عدة كتائب السد الاحد بعد اشتباكات مع القوات النظامية وحصار للمنطقة دام عدة ايام» وقطعه قصف من طائرات حربية على المنطقة. وأوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحم أن «الاستيلاء على السد خطوة مهمة جداً، لأنها تعني عملياً قطع كل الطرق التي تصل الرقة بحلب أمام الجيش»، مشيراً إلى ان هناك طريقا صغيرة تجتاز النهر، لكنها صعبة جدا ووعرة جدا». واشار الى ان «الطريق الرئيسية القادمة من الرقة والتي تمر بالثورة على نهر الفرات تتقاسم السيطرة عليها القوات النظامية وقوات المعارضة، وبالتالي لا يمكن الجيش الاعتماد عليها. اما الطريق الاخرى التي تمر بتشرين فكانت آخر طريق يسيطر عليها الجيش، لكنها لم تعد قابلة للاستخدام الآن». ويواصل المقاتلون المعارضون عملياتهم من اجل تضييق الخناق على القوات النظامية في مدينة حلب التي تشهد معارك دامية منذ أربعة اشهر. ومن اجل استقدام تعزيزات الى حلب من دمشق عبر الطريق السريع، يفترض بقوات النظام ان تمر في مدينة معرة النعمان وهي بين ايدي المقاتلين المعارضين منذ التاسع من تشرين الاول (اكتوبر). وتحاول هذه القوات سلوك طرق في محيطها لتجنبها. لكن المرور يبقى خطراً بسبب المعارك التي تشهدها المنطقة. وهناك طريق اخرى عسكرية تربط دمشق بحلب، لكنها «صعبة هي الاخرى وطويلة ويستغرق سلوكها وقتاً أربع مرات اكثر من الطريق العادية»، بحسب عبد الرحمن. وبذلك، يكون المقاتلون المعارضون أحكموا سيطرتهم على المنطقة الممتدة على مسافة 70 كلم بين محافظتي حلب والرقة المتاخمتين للحدود التركية من دون أن يعني ذلك انهم اصبحوا في منأى عن الغارات الجوية. ويبعد سد تشرين، الذي يسمح بتوليد الطاقة الكهربائية، حوالى 115 كلم عن مدينة حلب و80 كلم عن الحدود التركية. ويبلغ حجم تخزين بحيرة السد نحو 1.9 بليون متر مكعب، بحسب موقع وزارة الموارد المائية السورية على شبكة الإنترنت. وأظهر شريط مصور بثه ناشطون على موقع «يوتيوب» الإلكتروني عشرات المقاتلين يسيرون ليلاً على طريق السد، فيما يعلن احدهم «سد تشرين تحت سيطرة الجيش الحر». وفي شريط آخر تم تصويره نهاراً، يبدو المقاتلون مجتمعين في قاعة أمام شاشة مراقبة كبيرة. ويشير مصور الشريط إلى أنها «شاشة مراقبة سد تشرين». إلى ذلك، أفاد صحافي في وكالة «فرانس برس» أن ألقت حربية سورية طائرة أمس الاثنين ثلاث قنابل على مقربة من مقر للقيادة المشتركة للمجالس العسكرية المعارضة للنظام في أطمه (شمال غربي سورية) على الحدود التركية، موضحاً ان القصف استهدف مدرسة تضم مقر القيادة المشتركة ومقراً آخر للواء «صقور الشام» المقاتل ضد النظام. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أن طائرات حربية قصفت بلدة أطمه القريبة من الحدود التركية والتي تبعد مئات الأمتار عن مخيم للنازحين السوريين في بلدة القاح. وأوضح المرصد ان اطمة (محافظة ادلب) تضم اعداداً كبيرة من المقاتلين المعارضين، وقد أخلاها معظم سكانها بسبب المعارك. كما أشار إلى قصف تعرضت له بلدة حارم في محافظة ادلب ايضاً من طائرات حربية استهدفت تجمعا لمقاتلين من كتائب عدة، ما أدى الى مقتل احدهم وإصابة آخرين بجروح. وتتعرض مدينة معرة النعمان وبلدة كفرومة في ادلب لقصف بالطائرات الحربية، يترافق مع اشتباكات بين القوات النظامية وكتائب مقاتلة على المدخل الجنوبي لمدينة معرة النعمان الاستراتيجية التي تحاول القوات النظامية استعادة السيطرة عليها منذ استيلاء المعارضين عليها في التاسع من تشرين الاول (اكتوبر). ويستمر القصف العنيف على مناطق في ريف دمشق، لا سيما على منطقة البساتين الواقعة بين حي كفرسوسة (في غرب دمشق) ومدينة داريا، ويترافق مع اشتباكات عنيفة. واتهم ناشطون سوريون قوات النظام بإلقاء قنابل عنقودية على بلدة دير العصافير في ريف دمشق ما تسبب بمقتل عدد من الأطفال الأحد. وبث الناشطون أشرطة فيديو على شبكة الانترنت تبدو فيها جثتا طفلتين تغطيهما الدماء ممددتين ارضا، الى جانب جثث ثلاثة فتيان. ويقول المصور انه في «25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، أسقطت طائرة ميغ قنابل عنقودية على بلدة دير العصافير». وفي شريط آخر، تظهر عشرات القنابل الصغيرة بالإضافة إلى ثلاثة أجزاء لقنبلة كبيرة. وذكرت لجان التنسيق المحلية في بريد الكتروني ان عشرة اطفال قتلوا في «مجزرة» ارتكبتها قوات النظام بالقاء قنبلة عنقودية اصيبوا بها بينما كانوا يلهون في المكان. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته أن ثمانية أطفال قتلوا في قصف على دير العصافير، مشيراً إلى عدم إمكانه تحديد ما إذا كان تم استخدام قنبلة عنقودية أم لا. في محافظة ريف دمشق، قتل تسعة أشخاص الاثنين جراء القصف الذي تعرضت له بلدات المعضمية والزبداني وجديدة عرطوز ومنطقة الريحان وغيرها. ومنذ ثلاثة ايام، تتركز العمليات العسكرية والخسائر البشرية في العاصمة ومحيطها حيث تحاول القوات النظامية القضاء على معاقل المقاتلين المعارضين. فقد تجمع هؤلاء في مناطق قريبة من دمشق يستخدمونها كقاعدة خلفية للتقدم نحو العاصمة. وذكر المجلس الوطني السوري المعارض في بيان له الاثنين أن «اكثر من 130 شهيداً سقطوا في الأيام الماضية في مدينة داريا» وحدها في ريف دمشق. وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان ان غالبية هؤلاء من المقاتلين المعارضين. وأشار بيان المجلس إلى أن «قوات النظام تقصف المدينة منذ ثلاثة أسابيع بالأسلحة الثقيلة، من طائرات حربية مقاتلة وراجمات صواريخ ودبابات»، وان «معظم سكان المدينة نزحوا عنها (...)، وكثيرون منهم يبيتون في العراء وفي أماكن غير معدة للسكن في ظروف مناخية صعبة». وشدد على حاجتهم «بشكل عاجل للمعونة الغذائية والطبية وحليب الأطفال ولخيم وفرش تقيهم برد الشتاء القارس»، داعياً «المنظمات والهيئات الإنسانية للتحرك بشكل عاجل لإغاثة مهجري داريا وسكانها». في المقابل، ذكرت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات الاثنين أن داريا «تحولت خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى حصن للإرهابيين الذين توافدوا إليها من مناطق عدة في ريف دمشق بهدف (الزحف) نحو العاصمة». ونقلت عن مصادر في المنطقة أن اغلبية المسلحين «غير سوريين يضعون شعار تنظيم القاعدة ولديهم أسلحة وعتاد متوسط وثقيل، إضافة إلى مدافع هاون». كما أوردت معلومات مفادها أن الجيش السوري يحكم الحصار على المدينة «وبدأ بالتقدم داخلها من محاورها الأربعة»، متوقعة «أن يستمر في تقدمه وان يحسم المعركة خلال الأيام القليلة المقبلة». في غضون ذلك، أكد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي خلال لقائه كوادر الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا» ان «الحرب اليوم في سورية أصبحت بين الدولة ومن يدعم منطقها ضد تنظيم القاعدة وائتلاف الدوحة الذي بات يمثل القيادة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الساعية لإعادة تاريخها الأسود في سورية». كما أكد رئيس مجلس الوزراء السوري وائل الحلقي خلال وضع حجر الاساس لعدد من المشاريع الخدمية والسكنية والتنموية فى دمشق، بحسب «سانا»، انه «بالرغم من كل التحديات التي تشهدها سوريا، فإن مسيرة التنمية الشاملة ستستمر وتتصاعد». وأضاف: «ستخرج سورية منتصرة وبعزيمة اقوى وأكثر منعة، وسيعود الأمن والأمان والاستقرار إلى ربوع الوطن». وفي حصيلة أولية للقتلى الاثنين، سقط 18 قتيلا في سورية، بحسب المرصد السوري الذي أعلن مقتل 119 شخصاً في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سورية الاحد.