نزلت الحاجة خضرة الأكومي بسلاحها إلى ساحة البلدة وصارت تطلق الرصاص غضباً. تحلقت حولها نسوة غاضبات متشحات بالسواد وهن يرددن: «دم علي ما بيروح»، ورحن ينحن بالزغاريد. تجمع شبان ملثّمون مدججون برشاشات وجعب عسكرية قربها وأطلقوا الرصاص في الهواء، وصرخوا أمام شاشات التلفزة: «بدنا حقّنا». نزلوا للتعبير عن حزنهم مع أولاد القرى المجاورة وهم يستقبلون ابن بلدتهم الذي ذبح على يد عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الإرهابي في جرود عرسال الرقيب علي السيد. حملوه على أكتافهم ونعشه مزين بالعلم اللبناني، وراح بعضهم يصرخ عاتباً على الدولة، التي - وفق بعضهم - «عجزت عن الوصول الى حل ولم تنقذ علي من مصيره». ورددت عائلة الشهيد مناشدات ب «عدم التعرض لأي سوري»، وقال أحمد صلاح الدين ل«الحياة» إن هذه المناشدة مردها إلى أن «بعض أولاد البلدة اعتدوا أول من أمس على خيم نازحين سوريين، وطردوا بعضهم من البلدة». ونشرت عائلة السيد بياناً باسمها، طالبت فيه «أهالي البلدة بالحفاظ على إخوانهم الضيوف السوريين»، معتبرة أن «أي اعتداء عليهم يمس حرمة الشهيد وعائلته، فلا نحمّلهم وزر غيرهم». وقال مفتي عكار الشيخ زيد بن بكر زكريا ل «الحياة»، إن «محاولات دار الإفتاء تطويق غضب الناس واحتواءه أدت الى منع شبان من الاعتداء على سوريين في مناطق عكارية مختلفة»، موضحاً: «طلبنا من مشايخ البلدات تأكيد عدم التعرض لأي سوري، وكلفنا لجاناً محلية في القرى لمنع الفوضى»، مشدداً على «التزام أهالي عكار التهدئة والعمل من أجل الوصول إلى حل في قضية المخطوفين». وطالب «حكومة الرئيس تمام سلام بالعمل في شكل حثيث للوصول إلى نتيجة إيجابية». وأوضح عضو كتلة «المستقبل» النيابية خالد زهرمان ل «الحياة»، أن «عمل نواب الكتلة متجه مع أهالي المخطوفين لتهدئة الشارع من جهة ومتابعة ملف أولادهم من جهة أخرى»، مشيراً إلى أن «الدولة تتعاطى مع أطراف إرهابية خطيرة التفاوض معها صعب»، قائلاً: «نعمل مع فاعليات البلدات على امتصاص غضب الناس والتعامل بحذر مع ردود فعل الشبان». لكن وفق رجال غاضبين من البلدة، فهم لا يضمنون رد فعلهم اللاحق. يعرفون أن الدولة تواجه خطراً محدقاً، لكنهم يرددون: «مسؤولة عن أمن أولادنا الذين يقاتلون دفاعاً عن الدولة وأولاد المناطق الأخرى، هناك مجموعات تتلطى وراء النزوح لتمارس القتل والترهيب».