عاد وزير الخارجية الاميركي جون كيري للإنخراط مجدداً في عملية السلام الشائكة بين اسرائيل والفلسطينيين، بلقائه مفاوضين فلسطينيين في واشنطن للمرة الاولى منذ نهاية تموز (يوليو) الماضي وانتهاء حرب الخمسين يوماً في قطاع غزة. وتأتي المحادثات التي أجراها كيري مع كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ورئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فراج مساء أمس في واشنطن، للبحث في عدد من القضايا بينها الوضع في غزة، بعد ايام من اعلان اسرائيل نيتها القيام بأكبر عملية مصادرة لأراض فلسطينية منذ العام 1980، ومع مساع فلسطينية لاستصدار قرار في الاممالمتحدة يحدد مهلة ثلاث سنوات لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي. وجاء الاجتماع المغلق في واشنطن بعد اتصال هاتفي بين كيري ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الاميركية جان بساكي ان الاجتماع سيبحث «في عدد من القضايا بينها اتفاق وقف إطلاق النار المستمر وإمكان عقد مفاوضات جديدة وعدد من القضايا البعيدة المدى». وسيحمل الجانب الفلسطيني لكيري خطة لتقديمها في الاممالمتحدة تقضي بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، بعد استصدار قرار دولي، في الثلاث سنوات المقبلة. ويأتي الاجتماع في ظل تشنج غير مسبوق بين واشنطن وحكومة نتانياهو ومخاوف داخل اللوبي الإسرائيلي في العاصمة الاميركية من سير الادارة الاميركية بخطة السلطة الفلسطينية في الاممالمتحدة نهاية الشهر. وكانت واشنطن أيضاً دانت مصادرة اسرائيل لأراض في الضفة الغربيةالمحتلة ودعت الحكومة الإسرائيلية الى العودة عن القرار. غير ان السبب الرئيسي في تأزم العلاقة هو الحرب الاخيرة في غزة والتي استمرت خمسين يوماً وأحبطت فيها اسرائيل وساطة كيري لإنهائها مبكراً. وأكدت مصادر موثوقة ل»الحياة» ان المحادثات بين كيري وعريقات ستركز على تطبيق اتفاق إطلاق النار على طاولة المفاوضات، والبحث تحديداً بدور السلطة الفلسطينية في إدارة المعابر والعودة الى مرحلة 2006 أي ما قبل سيطرة «حماس» على القطاع، إنما بإشراف حكومة الوحدة الفلسطينية ورعاية إقليمية. وكان وزير المال الاسرائيلي يائير لابيد حذر (أ ف ب) الثلثاء من تراجع الدعم الدولي لاسرائيل، مؤكداً انه لم تتم استشارة الحكومة الامنية قبل الاعلان الاحد عن مصادرة اربعمئة هكتار من الاراضي في الضفة الغربيةالمحتلة للبناء الاستيطاني. وقال لابيد في مؤتمر صحافي عقده في تل ابيب، انه بعد حرب غزة، اصبح «الحفاظ على الدعم الدولي صعباً بالفعل. ما الحاجة الى خلق أزمة جديدة مع الولاياتالمتحدة وبقية العالم؟». بدورها، قالت وزيرة العدل تسيبي ليفني المسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين، ان مصادرة هذه الاراضي «تضعف اسرائيل وتقوض أمنها»، معربة عن خشيتها من ان يسيء هذا القرار للعلاقات المتوترة اصلاً مع الولاياتالمتحدة. في المقابل، سارع وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، زعيم حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف المؤيد للاستيطان والذي يعد من الصقور المتشددين في الحكومة، الى تبرير قرار مصادرة الاراضي. وقال: «منذ 120 عاماً والعالم يعارض قيامنا بالبناء، ونحن سنواصل القيام بذلك». وجددت بساكي تحذيراتها من مواصلة اسرائيل البناء الاستيطاني، واعتبرت ان مثل هذه الخطوات «تتعارض مع هدف اسرائيل للتفاوض بشأن اتفاق دائم مع الفلسطينيين وقد توجه رسالة مثيرة للقلق». ودعت الحكومة الاسرائيلية «للتراجع عن هذا القرار»، محذرة في الوقت نفسه من «أي خطوات أحادية الجانب تهدد فرص التفاوض بشأن حل الدولتين». ويسعى الفلسطينيون من جانبهم الان لدى مجلس الامن لتبني قرار يطلب انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية خلال ثلاثة أعوام. وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي في مؤتمر صحافي في مقر الاممالمتحدة بنيويورك: «سنسعى الى قرار في مجلس الامن يتضمن موعداً محدداً لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي». ورداً على سؤال عن المهلة الزمنية، اوضحت انه ينبغي ان ينتهي هذا الاحتلال «خلال ثلاثة اعوام». لكنها اقرت بأن الولاياتالمتحدة ستستخدم فوراً حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار مماثل. واضافت: «نعلم بأن الولاياتالمتحدة يمكنها استخدام الفيتو في مجلس الامن، ونحاول اقناعهم بالاصغاء الى صوت المنطق». وتطرقت ايضاً الى امكان تبني قرار غير ملزم في الجمعية العامة للامم المتحدة. من جهة اخرى، هددت عشراوي مجدداً باللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية التي يستطيع الفلسطينيون الوصول اليها انطلاقاً من كونهم دولة بصفة مراقب غير عضو في الاممالمتحدة منذ 2012. وهذه الخطوة تتيح البدء باجراء قانوني بحق المسؤولين الاسرائيليين على خلفية الهجوم الذي شنته اسرائيل أخيراً على قطاع غزة. لكن عشراوي لم تحدد موعداً لاتخاذ هذا التدبير وقالت: «نريد احالة اسرائيل امام المحكمة الجنائية الدولية. ليس لدينا موعد محدد، لدينا برنامج تحرك». والتقى كيري الثلثاء مسؤولي اللجنة الاميركية الاوروبية اليهودية للبحث في «تنامي المعاداة للسامية» في العالم. وجاء في بيان انه «عبر مجدداً عن قلق الحكومة الاميركية بشأن تنامي التهديدات والهجمات المعادية للسامية ضد اليهود وأماكن عبادتهم وأشغالهم في الأشهر الأخيرة.