تعيش العاصمة الأردنية تطورات سياسية متسارعة مع قرب إجراء الانتخابات النيابية المقررة قبل نهاية السنة، وتأكيد المعارضة الإسلامية الأبرز في البلاد ممثلة بجماعة «الإخوان المسلمين» مقاطعتها احتجاجاً على القانون الذي ستجرى على أساسه. وتشهد الأوساط الرسمية حالاً من التجاذب والتباين في الرؤى والتوجهات، في ما يخص الموقف من «الإخوان» وقوى الحراك الشعبي الموزعة على خريطة المحافظات ال12، وكيفية التعامل مع المطالب الإصلاحية التي تنادي بها مجموعات شبابية وحزبية وأخرى عشائرية تميزها الاحتجاجات المطلبية المتعلقة بأوضاعهم المعيشية فقط. وبينما أعلن رئيس الحكومة فايز الطراونة غير مرة تمسكه بموقف متشدد من «الإخوان» داخل الغرف المغلقة غير آبه بمشاركتهم في العملية السياسية من عدمها، برزت إلى العلن خلال اليومين الماضيين دعوات جديدة لمسؤولين حاليين وسابقين إلى الجماعة تحضها على إلغاء قرارها بالمقاطعة على رغم فشل دعوات رسمية مماثلة. واللافت أن هذه الدعوات أو المبادرات «التطوعية» تعكس وفق سياسيين أردنيين خشية أركان بارزة في الدولة من إجراء أي عملية سياسية بعيداً عن المكون السياسي الأكثر تنظيماً وحشداً في البلاد. وجدد رئيس الوزراء السابق والنائب الحالي فيصل الفايز أمس مبادرة، كان أطلقها سابقاً، لثني الجماعة عن موقفها. وأكد الفايز، وهو مقرب من القصر الملكي، أنه عرض على الإسلاميين مجدداً صوتاً ثالثاً يكون للمحافظة فضلاً عن الصوتين الموجودين في قانون الانتخاب (الصوت الواحد للدائرة المحلية وصوت القائمة الوطنية المفتوحة المحددة ب27 مقعداً). وبين الفايز أن مبادرته ذاتية وليس مكلفاً من أحد، وأنه ينتظر رد الإسلاميين على عرضه الأخير، ليرفعه إلى الجهات المعنية داخل الدولة. وقال في تصريحات بدت لافتة من خصم سياسي إن «الإخوان مهتمون بالمصلحة الوطنية، وهم جزء رئيسي ومهم من النسيج الاجتماعي، وإن شاء الله تكون النتائج إيجابية». وفي تطور آخر، هدد رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري أمس بأنه سيكون مضطراً إلى «التنحي» إذا ما شعر بأنه من دون فائدة أو لا يستطيع التأثير. وأوضح، خلال لقائه شخصيات معارضة كانت تعتزم الاعتصام أمام منزله ضمن سلسلة اعتصامات دأبت على تنظيمها أمام منازل مسؤولين حاليين وسابقين، أنه يعارض قانون الصوت الواحد للانتخاب الذي تحتج عليه المعارضة. لكن الأهم من ذلك، ما طرحه الوزير السابق ورئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عبدالإله الخطيب، خلال لقائه ليل أول من أمس مع أحزاب المعارضة القومية واليسارية، لدفعها إلى المشاركة في الانتخابات. مصادر حزبية شاركت في اللقاء قالت ل «الحياة» إن الخطيب «تحدث عن اتجاه داخل الدولة يدعو إلى تأجيل الانتخابات»، لكنه أكد أن الملك عبدالله الثاني حسم الأمر بإصرار على إجرائها قبل نهاية العام. وبرزت مواقف مماثلة لقيادات إخوانية أرسلت أول من أمس رسائل إلى جهات أمنية وسياسية في الدولة تقترح فيها تأجيل الانتخابات، وفق مصادر مطلعة في الجماعة تحدثت إليها «الحياة». ولا يختلف الحال كثيراً لدى مطبخ القرار الإخواني، إذ تسيطر أجواء التجاذبات واختلاف الرؤى على المواقف الخاصة لعدد من قيادات الجماعة الفاعلين. ولدى سؤال بعض قيادات «الاخوان» عن موقفها من العرض الجديد الذي تقدم به الفايز ترد بتصريحات وأحاديث متباينة، تبدأ بالتهدئة والموافقة على أية عروض من شأنها أن تكسر معادلة «الصوت الواحد» وتنتهي بالتصعيد والمطالبة بالمزيد. وفي هذا الصدد، يقول زكي بني ارشيد الرجل الثاني في الجماعة ل «الحياة» إن «الصيغة المطروحة من قبل الفايز لا تناسبنا». لكن قيادي آخر فضل عدم الكشف عن اسمه قال إن «ما يهم الجماعة هو إلغاء الصوت الواحد بأي طريقة كانت».