لم تستبعد مصادر أردنية رسمية أن تتجه الدولة إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة قبل نهاية العام الحالي بسبب إصرار قوى المعارضة، لا سيما حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» على مقاطعة الانتخابات في حال تمسكت الحكومة بمبدأ الصوت الواحد. ويبدو أن القائمة الوطنية التي قدمتها الحكومة الأردنية أخيراً إلى جانب الصوت الواحد في قانون الانتخابات الجديد، لم تجذب قوى المعارضة للمشاركة في الانتخابات، كما يبدو ان الوساطة التي بذلها رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل بين الحكومة والحركة الإسلامية خلال زيارته الأخيرة للأردن فشلت أيضاً. وكان مشعل أبلغ «الحياة» عشية مغادرته المملكة قبل ايام «أن الوساطة التي يقودها ستبقى مستمرة خلال الأيام القادمة». وفي تطور لاحق علمت «الحياة» من مصادر في الحكومة والمعارضة الإسلامية، أن لقاءات سرية تجرى على قدم وساق بين الطرفين، للتوصل إلى تفاهمات تفضي لمشاركة الإسلاميين في الانتخابات المقبلة. لكن مصادر الطرفين عبّرت ل»الحياة» عن عدم تفاؤلها في الوصول إلى تفاهمات جدية لغاية هذه اللحظة. ولم تستبعد مصادر رسمية أن تتجه الدولة إلى تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد قبل نهاية العام الحالي، بحثاً عن التوافق مع مختلف الأطياف. وأشارت أنباء إلى أن مدير جهاز الاستخبارات العامة اللواء فيصل الشوبكي التقى قبل أيام نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» زكي بني ارشيد وعضو المكتب التنفيذ للجماعة وائل السقا، لكن هذا اللقاء لم يفض إلى أية نتائج بحسب بني ارشيد، الذي أقر بحدوث اللقاء وغيره من اللقاءات غير المعلنة. وتأتي هذه التطورات وسط احتدام الخلاف بين تيارات الجماعة، لا سيما المعروف منها إعلامياً بتياري الصقور «المتشددين» والحمائم «المعتدلين». وظهر الصراع بشكل علني قبل أيام، عندما وجّه القيادي في الجماعة ارحيل الغرايبة نقداً مباشراً للقيادات التي التقت مدير الاستخبارات. ومع تطور الأحداث بشكل دراماتيكي، جاءت السفارة الأميركية لتساهم أخيراً في خلط الأوراق داخل البيت الإخواني، بعد توجيهها دعوة رسمية إلى الجماعة للحوار. لكن الأخيرة رفضت الدعوة من دون إبداء الأسباب. وقال أحد الوسطاء البارزين بين السفارة والإخوان ل»الحياة» إن السفارة الأميركية «دعت الإخوان المسلمين إلى الحوار لمعرفة رؤيتها للمرحلة القادمة وموقفها من الانتخابات، لكن قيادة الجماعة امتنعت عن تلبية تلك الدعوة». واعتبر الوسيط الذي فضل الكشف عن هويته، أن رفض الدعوة من قبل الإسلاميين «ناتج عن حالة الخلاف التي تشهدها التيارات الإخوانية، فكل تيار لا يمتلك الجرأة على الحوار، خوفاً من تعرضه لحملة تشويه من الطرف الآخر». من جهته قال مصدر في الحكومة الأردنية ل»الحياة» إن قانون الانتخاب بصيغته الحالية «اكتسب شرعية قانونية ودستورية بإقراره من الملك، الذي رد بعض مواده لتعديلها». وحول إمكان إجراء تعديلات جديدة على القانون، اكتفى المصدر بالقول: «إذا أردنا الحديث عن الخيارات السياسية، فكل شيء وارد». وعن الأسباب التي تدفع الحكومة إلى التمسك بصيغة الصوت الواحد، اعتبر المصدر ان «من حق الدولة أن يكون لديها تصور معين للقانون، كما هي الحال بالنسبة للإسلاميين والمعارضة». وكان مجلس النواب الأردني أقر الأحد الماضي تعديلاً جديداً على قانون الانتخاب برفع عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية الى27 إلى جانب الإبقاء على الصوت الواحد. والقائمة الوطنية مفتوحة أمام جميع الأردنيين تصويتاً وترشيحاً أحزاباً وأفراداً، ويحق للمواطن التصويت بصوت للقائمة وآخر لدائرته الانتخابية. إلا ان الاسلاميين يطالبون بأكثر من صوت للدائرة و50 في المئة للقائمة. وكانت المعارضة، وخصوصاً الحركة الإسلامية، لوّحت لدى إقرار القانون للمرة الأولى الشهر الماضي بمقاطعة الانتخابات، وأمر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني البرلمان في وقت لاحق بتعديل القانون. وكان الملك اعتبر في وقت سابق من الشهر الحالي، إن أساس عملية الإصلاح الشامل «توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار». ودعا كل أطياف المجتمع للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، للوصول إلى حكومات برلمانية.