شدّد خبراء على ضرورة توخي الحذر، في ما يتعلق بفقاعات ضمن مسار الاقتصاد العالمي خلال الأشهر المقبلة. ويكفي تحليل ما حدث بين عامي 1999 و2000 عندما اجتاحت فقاعة التجارة الالكترونية العالم، فمن استطاع الدخول في هذه الفقاعة والخروج منها في الوقت المناسب، حقق مكاسب ضخمة في موازاة ما أنجزته البورصات الدولية من أرباح خيالية. فعلى سبيل المثال، تضاعفت قيمة بورصة «ناسداك» بين صيف 1999 وربيع 2000 من 2500 إلى أكثر من خمسة آلاف نقطة نتيجة ثورة الانترنت حينها، لكن هذه القوة سرعان ما تراجعت مخلّفة وراءها تداعيات تجسدت في أزمة القروض العقارية الأميركية ثم في أزمة الديون السيادية الأوروبية. وأكد محللون في بورصة زوريخ أن مؤشرات البورصات في الأشهر الستة الماضية لم تستسلم على رغم المعطيات الاقتصادية الدولية غير المشجعة. ومنذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قفزت قيمة بورصة «ناسداك» ومؤشر «اس آند بي 500» نحو 30 في المئة، وقيمة كل من مؤشر «يوروستوكس 50» و «اف تي اس اي ميب» نحو 20 في المئة. وعزا خبراء هذا الارتفاع إلى عاملين، الأول ردود فعل البورصات في صيف عام 2011 عندما كانت أزمة اليورو في أوجها، والثاني الى انتعاش محتمل لكل بورصات الدول الصناعية بين نهاية السنة والنصف الأول من العام المقبل. ومرة جديدة، لا يستبعد محللون سويسريون احتمال ولادة فقاعات اقتصادية أخرى، قد تدخل من الأبواب العريضة خصوصاً فقاعات السيولة المالية، في ظل الأموال التي حقنتها المصارف المركزية الغربية وغيرها في الأنسجة الاقتصادية لتفادي أزمة مماثلة لأزمة عام 1929. ولفت عدد من مستشاري مراصد الاقتصاد والتحليل في سويسرا إلى أن هذه السيولة المالية الضخمة لعبت دوراً في ترويج السندات غير القابلة لأي تصنيف ائتماني، أي «جنك بوند»، تلك التي تواكبها أرباح وأخطار مالية كبيرة. وعلى صعيد التأثير المباشر لهذه السيولة المالية، فيتمحور في السنوات المقبلة حول موجة تضخم مالي مرعبة. ولا شك في أن لوبي المضاربات سيستخدم قوة سيولته المالية للسيطرة على أسواق المال، وبالطبع لن تكون هذه السيولة الورقة الوحيدة في يد هذا اللوبي العابر للقارات، إذ يمكن اللجوء إلى الذهب والنفط لتوليد فقاعات أخرى في عالم المضاربات.