قال لي صديق أنه قرر أن يُطلق لحيته. سألته لماذا فقال إننا نعيش في عصر اللحى، وقد قاوم الإغراء كثيراً إلا أنه بعد اختيار الرئيس الملتحي محمد مرسي الوزير الملتحي هشام قنديل رئيساً لوزراء مصر قرر أن يلتحي. الزميل ظريف، وهو زاد أن إطلاق اللحية سيجعل منافسته مع الأصدقاء على قلوب الحسان أكثر تكافؤاً وتوازناً، فالأصدقاء لا أمل لهم بالفوز عليه وهو أنيق رقيق حليق. لم اشعر يوماً بأن الصديق فالنتينو زمانه، ولكن يبرر غروره أنه إذا كان وزير موارد مائية وري يستطيع أن يصبح رئيس وزراء أم الدنيا مصر، فالصديق العازب يحق له أن يطمح بتنصيبه روميو آخر زمان. أتمنى أن يكون هشام قنديل «مفاجأة الموسم» وأن ينجح نجاحاً يُثلج قلب الصديق ويغيظ الحسود، ثم أكمل بملاحظات أخرى على عناوين الصحف والمجلات: - مجلة «تايم» اختارت عنواناً لغلاف عددها الأخير «باركليز مجرد بداية» والموضوع فضيحة الفائدة المصرفية بين البنوك، وفي الداخل كان عنوان الموضوع «لندن مدينة الفضائح». وكنت أستطيع أن أرد بالقول أن هذا يظل أفضل من العنوان «واشنطن مدينة الفضائح» لأن فضائح العاصمة البريطانية المُشار إليها مالية وتنتهي بخسارة فلوس أما فضائح واشنطن فسياسية وتنتهي بحروب وخسائر في أرواح الناس في بلاد بعيدة. خبر مجلة «تايم» تزامن مع دعوة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون العالم للاستثمار في بريطانيا، وأقول أنني كنت أقبل الدعوة لولا أن ليس عندي مال أستثمره ثم أنني لا أريد أن أبدأ مستثمراً وأنتهي «فضيحة مالية». - عدد مجلة «تايم» ضم موضوعاً عن المشاركين المسلمين في الألعاب الأولمبية وقدّر عددهم بحوالى 3500 لاعب ولاعبة. الموضوع كان ممتازاً، ومن مستوى ما تنشر مجلة عالمية لولا نقطة واحدة أشرت إليها مرات عدة في السابق وأعود إليها اليوم. قرأت في التحقيق عن «مذبحة الرياضيين اليهود سنة 1972 بأيدي إرهابيين فلسطينيين في ألعاب ميونيخ»، وأيضاً أنه في سنة 1972 «الجماعة المتطرفة (أو المسلحة) أيلول الأسود خطفت وقتلت 11 رياضياً ومدرباً إسرائيلياً في ألعاب ميونيخ»، والمقال يرى أن نظرة العالم تغيرت إلى الإسلام بعد ذلك. أنا كنت في ميونيخ بدعوة رسمية من حكومة ألمانية الغربية وحضرت الألعاب، ووقفت مع مرشدتي الألمانية أمام القرية الأولمبية أتابع تطورات الحادث. أدين الخطف اليوم، كما فعلت كل مرة، وأصرّ على أن الفلسطينيين المسلحين لم يذهبوا ليقتلوا وإنما ليخطفوا ويبادلوا أسراهم في إسرائيل بالمخطوفين. وإسرائيلي واحد قتل في القرية الأولمبية، أما «المذبحة» فسببها محاولة الشرطة الألمانية تحرير الرهائن في مطار عسكري فقتل الرياضيون مع غالبية الخاطفين. أصرّ على أن العملية كانت يمكن أن تنتهي من دون قتل لولا محاولة إفشال العملية. - أظهر استطلاع نشرته صحف لندن أن الناس في وسط العمر هم الأقل سعادة بين سكان بريطانيا، وأن المتقدمين في السن هم الأكثر سعادة. التفسير منطقي فالإنسان الموظف، أو العامل، يجد أن رهن البيت عالٍ، وأن الوظيفة غير مضمونة، ويقلق على مرتبه التقاعدي القادم، في حين أن المتقاعد يشعر بأن كل هذه الأمور أصبحت وراءه ولا همّ عنده سوى أن يحافظ على ما بقي من صحته. ثمة أسباب أخرى تجعل المواطن مثلي غير سعيد، فأنا أقرأ الأخبار وأتابع العربي منها على التلفزيون، وأصاب بنكسة يومية، ويصبح طعم قهوة الصباح مراً. ثم أنني لا أستطيع تجاهل الأخبار العربية بحكم العمل، ولأنني قلِق بطبيعتي، فإذا فاتتني الأخبار يتسع خيالي لاحتمالات كارثية الأخبار اليومية السيئة تظل أهون منها. الفرق بيني وبين المواطن البريطاني التقليدي أن مشاكله لها حلول أما مشاكل المواطن العربي فلا حل لها سوى أن يحلّ عن ظهر هذه البسيطة. - في النهاية بريطانيا تعاني من حمّى الأولمبياد، وقبل بدء الألعاب كانت صحف لندن تتوقع أن ينهمر الذهب على لاعبي البلاد، وفي اليوم التالي قرأت عن «دمعة» للاعب خسر وبعد يومين كانت لبريطانيا فضية واحدة وبرونزية واحدة، فلعل الأيام التالية تكون أفضل. [email protected]