لم يكن التخطيط او استضافة الالعاب الاولمبية في اي حقبة من الحقبات سهلا على البلد المضيف وتعتبر فرص ان ينال اولمبياد بكين 2008 حصته من المشاكل مرتفعة جدا وهي بدأت فعلا قبل اشهر من انطلاق الالعاب بسبب الازمة التي فرضتها مسألة التيبت والانتهاكات الصينية لحقوق الانسان . فمن اولمبياد ميونيخ 1972 الذي شهد مقتل 18 شخصا بعدما هاجم مسلحون فلسطينيون مقر البعثة الاسرائيلية، الى اولمبياد سيول 1988 الذي شهد فضيحة العداء الكندي الشهير بن جونسون تسببت بتجريده من ذهبية سباق 100 م، اصبحت الحركة الاولمبية امام واقع " تجميل " صورتها من اولمبياد الى اخر على امل ان لا تكون الفضيحة والازمة التالية اكبر من تلك التي سبقتها . من الناحية الرياضية التنافسية تعتبر فضيحة تناول جونسون للمنشطات خلال اولمبياد سيول 1988 الاكبر والاكثر غرابة في تاريخ الحركة الاولمبية خصوصا بعد ان كشفت احدى الكاميرات مسؤولا يطلب من رئيس اللجنة الاولمبية حينها الاسباني خوان انطونيو سامارانش ان يتغاضى عن كشف تناول جونسون لمادة " انابوليك " وكان جواب الاخير بالطبع النفي القاطع . وتبعت هذه الحادثة فضيحة اخرى عائدة الى 4 اعوام سابقة عندما اعترف بعض العلماء بانهم اكتشفوا عدة حالات تنشط خلال اولمبياد 1984 في لوس انجليس وهو كان الاولمبياد الاول لسامارانش في رئاسة الاولمبية الدولية، لكن وبصورة غامضة اختفت جميع الادلة التي تجرم العدائين المتنشطين . واذا كان سامارانش قد وجد نفسه في تلك الفترة في وضع حرج للغاية فعليه ان يسأل سلفيه الاميركي ايفري برونداج والايرلندي لود كيلانن عما شعرا به خلال حقبتهما في رئاسة اللجنة الاولمبية الدولية . فمن المؤكد ان برونداج لم ولن ينسى " ايلول الاسود " وميونيخ 1972 عندما اخترق مسلحون فلسطينيون القرية الاولمبية وهاجموا البعثة الاسرائيلية ما ادى الى مصرع رياضيين اسرائيليين وخطف 9 اخرين كرهائن . وكشفت هذه الحادثة عن سوء التحضير الامني الالماني في هذه الالعاب وبان الارتباك الذي تمثل جليا بطلب وزير الداخلية الالماني حينها هانز ديتريخ جينسشير من المسلحين الفلسطينيين بان يأخذوه شخصيا كرهينة مقابل اطلاق سراح الاسرائيليين .ومن اعتقد حينها ان الامور انتهت عند هذا الحد كان خاطئا كما كانت حال الشرطة الالمانية التي حاولت ان تسترد زمام الامور في مطار ميونيخ حيث كان يهم الفلسطينيون لنقل رهائنهم في طائرة مروحية، فانقضت الشرطة عليهم وقتلت 5 منهم لكن هذا الامر تسبب ايضا بمقتل 8 رياضيين اخرين وقائد المروحية وشرطي . اراد برونداج ان يتناسى ما حصل في هذه المأساة في اليوم التالي لانتهائها وذلك عندما اعلن مواصلة الالعاب، لكن جرأة العودة الى المضمار والملاعب لم تكن متواجدة عند الجميع فبطلة الوثب العالي الكندية ديبي بريل لم تصدق " وقاحة " تصريح برونداج الذي قال ان الرياضيين الذين لقوا مصرعهم يريدون من الجميع ان تتواصل الالعاب . وردت بريل على رئيس اللجنة الاولمبية متوجهة الى جميع لرياضيين : " يا الهي عما يتحدث؟ نحن نتحدث هنا عن اشخاص قد قتلوا ." يقول برونداج " لا تخذلوهم؟ انهم اموات !!". رفعت العاب ميونيخ 1972 علامات استفهام حول مستقبل الحركة الاولمبية، لكن كيلانن خلف برونداج واصل رفع الشعلة رغم المشاكل التي واجهها في الاولمبياد التالي في مونتريال 1976 عندما قاطعت الدول الافريقية هذه النسخة، ثم تكرر هذا الامر في اولمبياد 1980 في موسكو عندما قاطعته الولاياتالمتحدة بسبب غزو الاتحاد السوفياتي لافغانستان، لتلقي العوامل السياسية بظلها على الحركة الاولمبية . ولن تكون هذه العوامل بعيدة عن بكين 2008 خصوصا بسبب مسألة التيبت التي تطالب بحكم ذاتي وهي ترى بالالعاب الاولمبية الواجهة الاعلامية لابراز قضيتها الى العلن .