تمكن الباحثون من تحديد مؤلف مخطوطة أوبرا من دون توقيع، بعنوان «أورلاندو فوريوزو»، إذ ثبت أن موسيقار البندقية أنطونيو فيفالدي هو من ألفها عام 1714، وتختلف كثيراً عن عمله الأوبرالي الذي وضعه سنة 1727 وبالاسم ذاته. والمخطوطة جزء من مجموعة خاصة بفيفالدي، محفوظة في مكتبة تورينو الوطنية في إيطاليا، أهملها الباحثون سابقاً لأنها لم تحمل توقيع فيفالدي فلم ينسبوها إليه، بل إلى موسيقي إيطالي من بولونيا اسمه جيوفاني ألبرتو ريستوري. لكن مع الدراسة المعمقة ومقارنة خط المؤلف، أصبح من المؤكد أن فيفالدي هو مؤلف هذه الأوبرا. وزيادة على ذلك هناك تشابه كبير بين موسيقى أوبرا 1714 مع اللغة الموسيقية لمجموعة «الفصول الأربعة» الشهيرة التي ألفها في تلك الفترة. وتضم اوبرا 1714 نحو 20 «آريا» (مقطوعة غنائية) لم تسمع من قبل. ومعروف تاريخياً أن مسرح سان أنجلو في البندقية قدّم أوبرا بعنوان «رينالدو» عام 1714، حازت نجاحاً كبيراً، وتكررت في 40 عرضاً. في ذلك الوقت كان فيفالدي وأبوه يديران المسرح. ويعتقد الباحثون أن سبب عدم تبنّي فيفالدي هذه الأوبرا يعود إلى أنه كان ما زال قسيساً في ذلك الوقت، وكان يدير داراً للأيتام يسمّى بيو اوسبيداله دللا بييتا، فتجنب الظهور في مظهر مؤلفي الأوبرا وهي صنعة دنيوية، أو ربما لأنه مكلّفاً بإدارة المسرح عام 1713، فتجنب توقيع هذه الأوبرا لئلا يُتّهم باستغلال منصبه لنيل مطامع شخصية. وكان «مهرجان بون» العالمي للأوبرا الباروكية، الذي يقام في فرنسا منذ 30 سنة، مناسبة ممتازة لإخراج هذه الأوبرا إلى النور، فقدمتها فرقة مودو آنتيكو الشهيرة، قبل أيام، بقيادة فدريكو ماريا ساردلّي، أحد علماء الموسيقى الذين شاركوا في دراسة هذه اللقية النادرة. وستصدر دار ناييف الفرنسية هذا العرض للأوبرا المكتشفة حديثاً في طبعة قرص مدمج في تشرين الثاني (أكتوبر) المقبل. وفيفالدي يعتبر أحد أهم الموسيقيين وعازفي الكمان الإيطاليين في عصر الباروك. أعيد اكتشاف أعماله في ثلاثينات القرن العشرين. وكان له تأثير عظيم في معاصريه من الموسيقيين، حتى أنهم كانوا يعيدون توزيع أعماله مثلما فعل يوهان سيباستيان باخ عندما وزع كونشرتات فيفالدي للكمان، لفرقة أوركسترا مع آلة لوحة المفاتيح (الهاربسيكورد). كما نشر مؤلفون مغمورون أعمالهم باسم فيفالدي لتسويقها، مثل الفرنسي نيكولا شدفيل (1706-1782) الذي نشر مجموعة بعنوان «الراعي الوفي» ونسبها إلى فيفالدي.