أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن أسفه للأساليب العنيفة التي استخدمتها قواته لقمع أولى الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت العام الماضي، مؤكداً انه ما زال يحظى بدعم شعبي، مشيراً إلى إنه كان من الممكن الإطاحة به منذ زمن طويل مثل شاه إيران ما لم يكن يحظى بدعم الشعب السوري. وقال الأسد في مقابلة مع صحيفة «جمهوريت» التركية تنشر على ثلاث حلقات متتالية «كان يظن الجميع أنني سأسقط في وقت محدد. أخطأوا جميعاً في حساباتهم». وصرح بأن سورية تتعرض لهجوم من متشددين إسلاميين أرسلتهم دول عربية لا تتمنى خيراً لبلاده وتتعرض لتهديد بسبب العداء الغربي والتركي. وتابع الأسد «اللعبة الكبيرة التي استهدفت سورية كانت أكبر بكثير مما توقعنا... الهدف هو تفتيت سورية أو إشعال حرب أهلية. المعركة ضد الإرهاب ستستمر بكل حسم في مواجهة هذا الوضع. وسوف ننتصر على الإرهاب». ورد الأسد بشن حملة عنيفة على التظاهرات السلمية التي اتسمت بها الانتفاضة السورية في بادئ الأمر ومنذ ذلك الحين استخدم الدبابات والمدفعية وطائرات الهليكوبتر الهجومية والقوات وميليشيا الشبيحة لمحاولة القضاء على المعارضة المسلحة وإثناء السوريين عن التظاهر وتحدي سلطته. وهو يصر على أن أغلب السوريين البالغ عددهم 23 مليوناً يؤيدونه. وقال موضحاً لصحيفة جمهوريت «الأغلبية الساحقة من الشعب تؤيدني في هذه المسألة». وقارن الأسد بين وضعه وبين شاه إيران الذي أطاحت به الثورة الإسلامية عام 1979. وقال الأسد مشيراً إلى شاه إيران «كان يقود أهم دولة في المنطقة.. وكان لديه جيش قوي وكان العالم أجمع يدعمه. فهل تمكن من مواجهة شعبه؟ لا». ومضى يقول «لو كنت في نفس الوضع.. أي لو كان شعبي لا يقف بجانبي لم أكن لأستطيع المقاومة. كان سيطاح بي. كيف تمكنت حتى الآن من الصمود؟». ولم يظهر من تصريحات الأسد انه متقبل لفكرة الانتقال السياسي التي اقترحها كوفي أنان المبعوث الدولي بدعم كبير من الدول الغربية والعربية. وقال «لا توجد قوة أياً كانت قادرة على هزيمة ثورة حقيقية للشعب... لكننا الآن نشن حرباً على جماعات إرهابية وليس على الشعب. وسنشن الحرب لأن علينا أن نحمي أنفسنا ونحمي شعبنا». وأيد مؤتمر عقد في جنيف مطلع الأسبوع اقتراحات للانتقال السياسي في سورية لكن روسيا تنفي أن الخطة تلمح إلى ضرورة تنحي الأسد كما يصر الغرب. ويقول معارضون سوريون وزعماء غربيون إن أكثر من 15 ألف شخص قتلوا خلال الصراع مع إصابة الكثيرين أو تعرضهم للتعذيب في الوقت الذي يقول فيه مسؤولون سوريون إن قواتهم فقدت آلافاً عدة قتلوا على يد «إرهابيين». وسخر الأسد من فكرة أن السوريين يريدون رحيله. وقال الرئيس السوري البالغ من العمر 46 سنة «انظروا للوضع.. أميركا عدوتي.. الغرب كله عدوي.. دول المنطقة أعدائي... ما زلت صامداً بفضل شعبي... لماذا أقتل شعباً يقف إلى جانبي؟». وفي المقابلة قال الأسد رداً على سؤال حول القمع العنيف للحركات الاحتجاجية السلمية الأولى في سورية في آذار 2011 «بالطبع نحن بشر ويمكن أن نرتكب أخطاء». لكنه قال إن المتظاهرين «دفعت لهم المال» قوات أجنبية لزعزعة الأمن في سورية. وأضاف «يجب أن يعلم الجميع أنها لعبة مدعومة من الخارج ... هناك أموال كثيرة تأتي من الخارج». وشدد على أن القوى الأجنبية «وعلى رأسها الولاياتالمتحدة» يجب أن تتوقف عن دعم المعارضة، متهماً دولاً في المنطقة لم يسمها بتقديم دعم لوجستي إلى «الإرهابيين» في سورية. وفي الجزء الأول من المقابلة اتهم الأسد تركيا صراحة بمساعدة المنشقين عن الجيش السوري على محاربة النظام. واتهم وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو الرئيس السوري ب «الكذب» في المقابلة، بحسب تصريحات نقلتها الصحف التركية. وصرح داود أوغلو بأنه «من المستحيل تصديق الأسد، فقد قتل نحو 20 الف شخص في غضون عام». وقطعت تركيا علاقاتها مع حليفتها السابقة بسبب القمع الدموي الذي تمارسه قوات الأمن السورية بحق المطالبين بتنحي الأسد.