أنقرة، لندن - «الحياة» - قال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو إن الرئيس السوري بشار الأسد يتمتع بشعبية في سورية، وأنه لو اجريت انتخابات حرة في ذلك البلد قبل الاضطرابات السياسية الحالية، فإن الاسد كان سينتخب رئيساً. وأوضح داود اوغلو في مقابلة مع محطة «تي في نت» التلفزيونية التركية ان الاسد على عكس «جيل الحكام القديم» في مصر واليمن وتونس وليبيا «محبوب من الشعب السوري». وتابع في المقابلة التي اجريت ليلة اول من امس: «إذا ما اجريت انتخابات قبل الثورة التونسية، والتي انتقلت عبر العالم العربي، فإن قادة تونس ومصر واليمن وليبيا كانوا سيرحلون، بينما كان الاسد سيبقى». إلا ان اوغلو لمح إلى أنه لا يعرف ما إذا كان الرئيس السوري ما زال يتمتع بنفس الشعبية اليوم بعد الاحتجاجات الشعبية الواسعة في البلاد والتي واجهتها قوى الامن باستخدام «مفرط للعنف» كما قالت منظمات حقوقية سورية ودولية، موضحاً أنه «ليس لديه فكرة عما إذا كان الرئيس السوري سيفوز إذا اجريت انتخابات نزيهة». وقال اوغلو في المقابلة التي نقلت صحيفة «زمان» التركية مقتطفات منها: «أقول هذا بروح الصداقة»، مشيراً الى ان سورية كانت ستصبح نموذجاً في المنطقة إذا ما اجريت القيادة السورية العام الماضي اصلاحات وصفها اوغلو ب «إصلاحات ليست شديدة وصعبة». ونفى وزير الخارجية التركي «الادعاءات» حول ان الرئيس السوري «يفتقد للارادة السياسية» في تلك المرحلة للدفع نحو الاصلاحات، موضحاً ان بعض مصادر قلق الاسد «في محلها». وشدد الوزير التركي على ان بلاده تريد ان ترى اصلاحات في جارتها الجنوبية «تحت قيادة الاسد»، مضيفاً ان أنقرة وعدت بتقديم اي دعم تحتاجه دمشق للمضي قدماً في مسار الاصلاح. وكان اوغلو قد زار دمشق مطلع نيسان (ابريل) حيث اجرى محادثات مع الاسد حول تطورات الاوضاع في سورية. ويشعر الاتراك ان الضغوط تتزايد على النظام السوري لاجراء اصلاحات فورية وشاملة، خصوصاً في ضوء ارتفاع سقف مطالب المحتجين من الاصلاح الى «اسقاط النظام». ومع ان قوى الامن استخدمت اساليب متعددة لانهاء حركة الاحتجاجات، إلا ان حركة المحتجين تهدأ لتعود وتتصاعد ثانياً، فخلال «جمعة حماة الديار» خرج عشرات الآلاف في دمشق وبانياس وحمص ودير الزور ودرعا والقامشلي والبوكمال ومناطق اخرى، وردت قوات الامن بإطلاق النار ما أودى بحياة ما لا يقل عن 12 شخصاً. وتصعب دائرة العنف المتواصلة الدخول في عملية اصلاحات سياسية حتى الآن بحسب ناشطون بينهم عمار القربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سورية. وفيما لم يدن داود اوغلو بشكل مباشر سقوط قتلى في سورية خلال الايام القليلة الماضية، إلا انه اوضح: «نحن قلقون على مستقبل سورية مثل السوريين انفسهم. نريد بذل الجهد لانهاء الازمة. انا، مثل السوريين، أقول ان على السوريين انفسهم ادارة التغيير». وعن الاتصال الهاتفي الذي تم بين الرئيس السوري ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يوم الجمعة الماضية، قال داود اوغلو إن القيادة التركية «شعرت بالتفاؤل» بسبب التصميم الذي اظهره الاسد لاجراء اصلاحات والخروج من الازمة الحالية. وحض وزير الخارجية التركي الاسد على تطبيق الاصلاحات فوراً، مضيفاً: «الان هو وقت التحرك». وشدد اوغلو على ان سورية «تحتل الاولوية» في جدول اعمال السياسة الخارجية التركية بسبب تخوفات انقرة من الانعكاسات السلبية عليها إذا ما تدهور الوضع في سورية. وأوضح وزير الخارجية التركي ان سورية هي اهم بلد في الشرق الاوسط وتقف وسط ثلاث مشاكل خطيرة هي العراق وفلسطين والوضع في لبنان. كما أشار اوغلو الى ان سورية، على خلاف ليبيا، تتميز بالتعددية العرقية والدينية. وتابع: «بالنسبة لنا استقرار سورية مسألة هامة جداً»، مشيراً إلى ان التطورات المحتملة في سورية ستؤثر على تركيا واسرائيل ولبنان والاردن. وكان اوغلو قد حض الاسد يوم الجمعة الماضي على اجراء اصلاحات تكون بمثابة «علاج بالصدمة»، على غرار الاصلاحات التي اتبعتها دول اوروبا الشرقية عندما وجدت نفسها امام تظاهرات شعبية حاشدة مطالبة بالديمقراطية، ما سمح لها بانتقال سلس نحو التعددية واقتصاد السوق.