لم تكن أسرة ميسورة أو حتى متوسطة الحال، ربما تجاوزاً يطلق عليها «مستورة»، على رغم شظف العيش، خصوصاً أن رب الأسرة يخرج منذ الصباح الباكر ولا يعود إلا مساءً وقد بلغ منه الجهد كل مبلغ، محاولاً تحسين وضع أسرته. هذا الوضع كان قبل نحو 18 عاماً. حادثة مرورية كانت كافية لتقلب الأوضاع رأساً على عقب، أو لنقل تزيد الأمور سوءاً، فقد تعرض علي عبيد وهو رب الأسرة إلى حادثة تسببت في إصابته بكسر في المفصل الأيسر والتهابات مزمنة وتيبس في كبسولة الكتف، إضافة إلى آلام مزمنة في الفقرتين العنقيتين السادسة والسابعة، مع تحديد حركة الكتف الأيسر، ما أدى إلى عدم قدرته على العمل في صورة طبيعية. الآن، وبعد نحو عقدين على تلك الحادثة، ما زالت الحاجة والمرض تضيق الخناق على أسرة علي عبيد (50 عاماً)، الذي يقطن في محافظة صبيا. ويقول علي: «منذ سنوات طويلة ونحن نعتمد بعد الله على مساعدات المحسنين وأصحاب القلوب الرحيمة بعد أن كبلتني الأمراض ولم أعد قادراً على إعالة أسرتي». ويروي رب الأسرة معاناته اليومية مع هذه الحال: «أسكن مع زوجتي وأطفالي الثمانية في منزل صغير ومتواضع قيمة إيجاره الشهري 1200 ريال بينما أتسلم من الضمان 1750 ريالاً فماذا يتبقى لي ولأبنائي؟». ويعود علي بالذاكرة إلى الحادثة المرورية: «كانت بداية مأساتنا الحقيقية، فعقب الحادثة صرت عالة على أسرتي في وقت كنت الأمل الوحيد لهم بعد الله لمستقبل أفضل»، موضحاً أن الحلقة الأولى من مسلسل المعاناة بدأت منذ تلك اللحظة. اضطر علي إلى الاقتراض لإعالة أطفاله، حتى بلغت ديونه أكثر من 200 ألف ريال، «الدين يجلب معه الهم والأرق والضغط النفسي، وفعلاً ما هي إلا بضعة أعوام حتى فاجأني السكر وبعدها أصبت بارتفاع ضغط الدم، ورغم محاولاتي المتواصلة لإيجاد عمل يتناسب مع وضعي الصحي مثل حارس أو ما شابه، إلا أن المحاولات لم تنجح»، توقفت أحلام الأسرة على الحصول على شقة في الإسكان الخيري ومساعدة من الجمعية الخيرية وسداد ديون رب الأسرة، «هي مطالب رغم صعوبة تحقيقها بالنسبة لي، إلا أنها سهلة على من أراد الخير والمثوبة من الله عز وجل، فلا أخفيكم أنني وصلت إلى حد لا أعلم هل أفكر في أمراضي التي تحرمني النوم أم في مستقبل أبناء ليس لهم بعد الله غيري».