المشاريع الجامعية التي دشن مراحلها الأولى خادم الحرمين الشريفين نقلة حضارية جديدة، إضافة إلى كونها مشاريع لسد العجز في عدد الجامعات، ومقاعد الدراسة في كثير من المناطق والمدن، علاوة على كونها ملمحاً جديداً لحب هذا القائد لشعبه، وكل ما يمكن سرده في هذا المقام. الجامعات الجديدة، فرص عمل، وتعلم، هذا بديهي جداً، وهي أيضاً فرص تغيير أنماط تفكير حكومي واجتماعي، عن الجامعة كمكان تعليم، أو كوسيلة للحصول على وظيفة فقط، لأن التأمل يقول إنه لا يمكن أن يتم تعيين كل خريجي هذه الجامعات وخريجاتها في الحكومة، ولن تستوعبهم وظائف القطاع الخاص، لأن كثيراً منها لا يحتاج إلى تأهل بهذا المستوى مثلاً. إذا تغيرت فكرة الناس عن الجامعة بات في الإمكان أن تصل بهم إلى وظائفهم في الحياة، وليس فقط وظائفهم للحياة والمعيشة، وهذا في ظني هو مبدأ تأسيس الجامعات. تنموياً يجب أن يكون لكل جامعة مستشفى، يوفر وظائف وتنافساً طبياً، وفريق رياضة لكل لعبة، يوفر لأعضائه منحاً دراسية، ويصبح هناك دوري للجامعات في الألعاب الأكثر شعبية لأن ما نروم إليه، أن تصبح الجامعات أيضاً مراكز إبداعية في الفنون عبر مسارح الجامعات التي عطلت أو تمّ تقنين إبداعها، والرياضة عبر دوري الجامعات الذي ربما أسهم في رفع مستوى الرياضة في البلاد كأحد ملامح تنمية الشباب واستيعاب طاقاتهم، وفي شتى المجالات الأخرى التي يمكن أن تضاف إلى منتجاتها العلمية والثقافية. يجب أن نصل الى المرحلة التي عندما يفكر فيها المتقاعد، أو الثري، أو حتى «الفاضي» في دراسة تخصص معين يجد كل القبول، ويتم تفريقه عن طالب الثانوي الذي يعد لمستقبله عبر فرض الرسوم الرمزية وما شابه ذلك، لا نريد إلا أن يكون كل ما عليه هو الذهاب إلى هناك وتعبئة بعض الاستمارات، عفواً، الدخول إلى الإنترنت وتعبئتها هناك. في بعض الثقافات العربية ينظر إلى الجامعات بشيء من التوجس، وربما نحن بمشاريعنا الجديدة والعملاقة نؤكد أن مثل هذه الهواجس ليست لدينا، لأن العوامل أو المؤثرات ليست موجودة أصلاً. ما نريده أن يكون الجميع متعلمين، لكن ليسوا بالضرورة موظفين، فهذا مبدع احترف إبداعه، وذلك مخترع استثمر اختراعه، وذاك عاشق زراعة أحيا أرضه، وتلك امرأة مغامرة تعلمت أصول الإدارة أو الاقتصاد لتدير مشروعها الصغير. الشروع في ترسيخ ثقافة جديدة عن الجامعات مشروع سيخدم المجتمع على المدى البعيد، وإذا كانت الحكومة سخية في هذه المباني والتجهيزات والوظائف والمقاعد الجامعية، نحتاج إلى أن نكون أسخياء في التسامح والتفكير بعقلية الإنتاج والإبداع، وأن نعمل بمبدأ التعلم بهدف التعلم أولاً، وليس فقط عقلية «ادرس، تخرج، اعرس». [email protected] @mohamdalyami