في وقت يعبّر جزائريون عن استيائهم من طبيعة الحملة الانتخابية التي يسوّقها قادة أحزاب سياسية تتنافس على مقاعد البرلمان لتشريعيات العاشر من أيار (مايو) المقبل، يلاحظ مراقبون أن الساحة السياسية مازالت «تجتر» الأفكار ذاتها وتعيد تكرار الانشغالات التي تراها ذات أولوية ذاتها، من دون أن تكون هي نفسها الأفكار والانشغالات التي تهم الغالبية العظمى من الجزائريين. ويشكو كثيرون من الجزائريين مما يعتبرونه خطاباً سياسياً «هزيلاً» مطروحاً كوعود في حملة الانتخابات التشريعية ويتضمن شعارات «شعبوية» ابتعدت عن عمق المشاكل السياسية للمواطنين. ويُعتقد أن أداء الأحزاب و «هزال» خطابها في الأيام العشرة الأولى من الحملة الانتخابية، سبّبا «صداعاً» لقادة البلاد، الذين كانوا يعولون على أن دخول هذه الحزمة الكبيرة -44 حزباً- من التشكيلات السياسية حلبة المنافسة سيساهم في «رفع مستوى النقاش» ويعزز فرض حصول مشاركة كبيرة في الاقتراع. وتتحدث أنباء عن تكليف الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وزراء غير مرشحين في الانتخابات للنزول إلى الشارع والقيام بحملة تحفيز للجزائريين لتشجيعهم على المشاركة في الانتخابات. وتزامن بدء حملة الانتخابات مع ظهور سلسلة مشاكل اجتماعية متفاقمة شغلت الجزائريين عن الاهتمام بخطابات الأحزاب. وتشهد قطاعات اجتماعية كثيرة في البلاد موجة غليان غير مسبوقة تمثّلت في إضرابات في أكثر من قطاع. كما ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية في شكل غير مسبوق. وتتهم الحكومة «لوبيات لا تريد الخير للجزائريين» بالوقوف وراء هذه المشاكل الاجتماعية. ولكن مهما كانت حقيقة الجهة التي تقف وراء ذلك، إلا أن هناك حقيقة لا يختلف حولها اثنان، وهي عدم اهتمام الجزائريين بالحملة الانتخابية. ويعزو محللون ذلك إلى عدم ثقة الناخبين في الوعود المقدمة من الأحزاب، واعتقادهم أن المجلس الشعبي الوطني لن يكون قادراً على التكفل بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ويحمّل متابعون الطبقة السياسية مسؤولية كبيرة في هذا العزوف الشعبي، لكونها فشلت في الإقناع بجدوى الانتخابات، كما أنها قامت -على ما يُزعم- بتقسيم مقاعد البرلمان في ما بينها حتى قبل أن يدلي الناخبون بأصواتهم. وقالت جبهة التحرير الوطني إنها تعتقد انها ستفوز بالمرتبة الأولى، في حين أعلن «تكتل الجزائر الخضراء» (تحالف الإسلاميين) أنه واثق بدوره من الفوز بالغالبية الساحقة «إذا لم تُزوّر الانتخابات». أما أحمد أويحيى فوضع بدوره حزبه التجمع الوطني الديموقراطي في المرتبة الأولى في الانتخابات. ويُعتقد أنها مواقف الأحزاب في شأن حصولها على الغالبية أغلقت شهية الناخبين عوض أن تفتح المعركة التنافسية.