تُجرى اليوم في الجزائر انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان)، وسط توقعات بأن يكون الموعد بداية لمشهد سياسي جديد يتنافس فيه بالأساس حزبان، الأول حزب الغالبية جبهة التحرير الوطني المحسوب على الرئيس عبدالعزيز، والثاني التجمع الوطني الديموقراطي بقيادة الوزير الأول أحمد أويحيى، في انتظار انهيار وشيك ل «التحالف الرئاسي» مع دخول زعيم حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني ضمن المحتجين على تحالف «التجمع» مع «حزب العمّال» المعارض. ووسط خلافات واسعة بين أحزاب التحالف الرئاسي المهدد بالانهيار وفق تصريحات قياديين اثنين من بين ثلاث شخصيات حزبية تقوده، هما عبدالعزيز بلخادم وأبو جرة سلطاني، يتوجه اليوم «كبار الناخبين» الجزائريين وهم المنتخبون المحليون في المجالس البلدية والولايات (جرت في تشرين الأول/أكتوبر 2007) إلى مقرات الولايات لاختيار مرشح واحد عن كل ولاية (عددها 48). ومن المتوقع أن تعلن وزارة الداخلية صباح غد النتائج الأولية للانتخابات، في انتظار درسها من قبل المجلس الدستوري وإعلانها رسمياً في الجريدة الرسمية. ويبلغ عدد المشاركين في التصويت قرابة 18 ألف شخص. ولم يسبق في تاريخ مجلس الأمة، الذي استُحدث بموجب دستور 1996 في عهد الرئيس السابق اليمين زروال، أن لقيت الانتخابات للعضوية فيه مثل المعارك السياسية التي دارت بين الحلفاء السياسيين هذه الأيام. ويُعتقد أن في أجندة كل حزب من التشكيلات المشاركة في الحكم حسابات للحصول على الغالبية في الفترة المتبقية نحو الرئاسيات القادمة في 2014، و البداية من مجلس الأمة الذي لا يكتسي أهمية كبيرة لدى الشارع الجزائري، لكنه في حسابات السياسيين إحدى النقاط المهمة في احتواء المشهد السياسي في البلاد. وينحسر الصراع أساساً بين جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي. ويمتلك الأول الغالبية في البرلمان بغرفتيه، ويسعى إلى الحفاظ على مكانته التي تضمن له مساندة مريحة لرئيسه الشرفي عبدالعزيز بوتفليقة في مواعيد مرتقبة إلى غاية الرئاسيات المقبلة. وعلى رغم أن التجمع الوطني الديموقراطي مشارك في التحالف الرئاسي بدوره، إلا أن مراقبين يرشحون أمينه العام الوزير الأول أحمد أويحيى ليكون ورقة مهمة في الرئاسيات المقبلة. وتحصيل مقاعد مهمة في الغرفة العليا ربما يكون بداية نحو مشروع يخفيه أويحيى للوصول إلى الرئاسة. وعلمت «الحياة» أن لقاء جرى ليلة أول من أمس بين عبدالعزيز بلخادم وحليفه على رأس الحزب الإسلامي «حمس» أبو جرة سلطاني. واللقاء لم يكن لإعلان تحالف انتخابي، لكنه شهد ملفاً واحداً عاتب أبو جرة فيه بلخادم بعدما استقبل الأخير خصم أبو جرة في حركة مجتمع السلم عبدالمجيد مناصرة (الذي يُشرف على «حركة الدعوة والتغيير» غير المعتمدة والمنشقة عن حزب سلطاني). وأغضب هذا الاستقبال على ما يبدو سلطاني الذي فسّرت أوساطه لقاء بلخادم مع مناصرة بأنه مرتبط بمساعي جبهة التحرير إلى توسيع قاعدة الدعم لمرشحيها في انتخابات مجلس الأمة. وكان بلخادم لمّح أخيراً إلى إمكان انهيار التحالف الرئاسي بسبب تحالف أويحيى مع حزب العمّال المعارض.