خطوة رائعة تلك التي اتخذها الإعلامي المخضرم الزميل داود الشريان في برنامجه الجماهيري «الثامنة» على قناة mbc، المتمثلة في تقديم «كرسي شاغر» باعتباره ممثلاً للجهة الحكومية التي يتهرب مسؤولوها من مواجهة الناس من دون أقنعة وتلميع عبر البرنامج، فهي تكشف بوضوح عن مدى العجز والفشل الذي تتورم به كثير من الجهات المتخبطة في هذا البلد، التي يحاول من يجلسون على كراسيها الوثيرة حفظ ماء وجوههم بأخبار «التلميع» التي تبثها يومياً إدارات العلاقات العامة المتخصصة في «الترقيع» و«التطبيل». الغريب أن بعض هؤلاء المسؤولين الهاربين من المواجهة يحاولون في مفارقة ساذجة تسول إعجاب الناس عبر فتح حسابات لأنفسهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وسيلاحظ من يتصفح تلك الحسابات أن ما ينشر فيها ليس سوى عناوين أخبار «العلاقات العامة» التي أغرقوا بها الصحف، أي أن السيد «كرسي شاغر» يعتقد أنه يقدم معروفاً كبيراً للناس بنقل تلك العناوين إلى العالم الافتراضي، وهذا ما ينطبق عليه المثل الشهير «شر البلية ما يضحك». لست ممن يسعون لانتقاد كل حركة وسكنة لأي مسؤول «مهايطي» إذا كان يعمل، لكنني أشعر بالاستفزاز حقاً عندما أجد مسؤولاً يحاول التدليس على الناس بشعارات رنانة مثل محاربة ظاهرة معينة مع أن الجهة التي ينتسب إليها هي المتسبب الحقيقي في بروز تلك الظاهرة عبر الإجراءات العقيمة الممارسة فيها.. المضحك حقاً أن ينتفض السادة «كراسي شاغرة» ويعملوا على تحميل آخرين مسؤولية تلك المشكلات من باب إبراء الذمة، وليت الأمر يتوقف عند ذلك بل يتجاوزه إلى «الهياط» عبر وسائل الإعلام بإصدار قرارات عقابية لهم. مشكلة كل مسؤول من فئة «كرسي شاغر» في هذا البلد أنه يعتقد بسذاجة متناهية بأن غالبية المواطنين مجموعة من الأغبياء ويمكن الضحك عليهم بأي «فرقعة إعلامية» عابرة تنتجها مختبرات «العلاقات العامة» المتوفاة دماغياً في وزارته، وغالباً معظم هؤلاء «الكراسي» محاطون بحلقة من المداحين وحمَلة «المباخر» الذين يصورون لهم أن جميع الناس ينظرون لإنجازاتهم بإعجاب بالغ، ولذلك فعندما يُعفى أحدهم من منصبه بسبب فشله نجده مصدوماً مندهشاً ورافضاً قبول فكرة أنه فاشل، ويحيل السبب إلى «المؤامرات» أو الحملات الإعلامية المضللة التي تم افتعالها ضده وضد الجهة التي يعمل فيها، والنماذج على هذه الشخصيات في المجتمع أكثر من أن تحصى. أطالب جميع وسائل الإعلام بانتهاج سياسة فضح «الكراسي الشاغرة» التي ابتكرها زميلنا الشريان، فهي برأيي سياسة رائعة وناجحة جداً في نسف طبقات الماكياج التي تغطي الوجه القبيح للفشل والفساد وسذاجة الرؤية والممارسات في بعض الجهات، كما أن من شأن هذه السياسة أن تجبر من لا يزال في وجوههم «ماء» من المسؤولين الفاشلين على التنحي من تلقاء أنفسهم وإعلان عدم قدرتهم على فعل شيء يخلص الجهات التي يعملون فيها من إرث الفشل الثقيل الذي يجثم على أنفاسها. [email protected] @Hani_AlDhahiry