واشنطن - رويترز - وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما اشد تهديداته المباشرة حتى الآن بتحرك عسكري أميركي ضد ايران إذا فشلت جهود كبح طموحها النووي لكنه حذر أيضا من ضربة استباقية إسرائيلية لإيران في رسالة موجهة لرئيس وزراء إسرائيل قبيل محادثات بينهما في البيت الأبيض. وحذر اوباما ايران في مقابلة مع مجلة نشرت يوم الجمعة قبل ثلاثة ايام من استضافته لبنيامين نتانياهو في واشنطن وقال "كرئيس للولايات المتحدة .. أنا لا أخادع." ومع توقع هيمنة خلافات حادة بشأن مخاوف واشنطن من هجوم إسرائيلي محتمل على المواقع النووية الايرانية على الاجتماع بدت تصريحات اوباما تهدف لتقديم بعض التطمينات التي طلبها نتانياهو باتخاذ موقف عام ضد ايران. وخلال زيارته لكندا يوم الجمعة سعى نتانياهو لتجنب توسيع هوة الخلاف مع اوباما لكنه اكد على الحق في الاحتفاظ "بحرية تحرك دولة اسرائيل في وجه تهديدات بمحوها من على الخارطة." وينظر لاجتماع يوم الاثنين باعتباره اهم لقاء بين الزعيمين الاميركي والاسرائيلي خلال سنوات. وزادت التوترات في 2012 الذي يشهد الانتخابات الرئاسية الاميركية ويحرص خصوم أوباما في الحزب الجمهوري على تصويره على أنه صارم للغاية مع إسرائيل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة ومتساهل كثيرا مع إيران. وزاد من تعقيد الموقف ضعف الثقة بين اوباما ونتانياهو. وتزايدت التكهنات بأن إسرائيل التي تخشى نفاد الوقت أمام جهود وقف تقدم البرنامج النووي الايراني قد تتحرك عسكريا بمفردها في الشهور القادمة إذا لم تحصل على تطمينات أشد من واشنطن. ويحاول نتانياهو اقناع اوباما بتحديد المستوى النووي الذي يجب ألا تتجاوزه ايران وتبعات ما ستواجهه اذا اقدمت على ذلك في حين يريد الرئيس الأميركي اقناع رئيس الوزراء الاسرائيلي بعدم توجيه ضربة بشكل أحادي واتاحة مزيد من الوقت أمام العقوبات والدبلوماسية. وتصر ايران على انها لا تسعى لتطوير اسلحة نووية. وتحدث اوباما ونتانياهو بشكل صارم قبيل اجتماعهما. وقال الرئيس الأميركي في مقابلة مع مجلة اتلانتيك "اعتقد أن الحكومتين الايرانية والاسرائيلية تدركان أنه عندما تقول الولاياتالمتحدة ان من غير المقبول ان تمتلك ايران سلاحا نوويا فنحن نعني ما نقوله." وكرر أوباما موقف أميركا بأن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" لكنه تحدث بشكل مباشر بدرجة اكبر عن تحرك عسكري أميركي محتمل إذا فشلت العقوبات والدبلوماسية في كبح الطموحات النووية الايرانية. وقال عندما سئل بشأن النوايا الأميركية "إنها تشمل جزءا عسكريا. واعتقد ان الناس يدركون هذا." وفي الوقت الذي اعترف فيه "بمسؤولية (نتانياهو) الكبيرة" عن حماية شعبه أشار اوباما إلى "عواقب محتملة غير مقصودة" حيث أوضح أنه ليس من الحكمة أن تشن إسرائيل أي هجوم على ايران. وقال "في وقت لا يوجد فيه كثير من التعاطف مع إيران وتواجه حليفتها الحقيقية الوحيدة (سورية) وضعا شديد الصعوبة .. هل نريد أمرا يصرف الانتباه يمكن لإيران فيه أن تصور نفسها فجأة كضحية؟" ولا يمكن أن يتحمل أوباما عواقب ان يكون شديد الصرامة مع نتنياهو حيث يقف مرشحو الرئاسة الجمهوريون مستعدين لتلقف اي شيء يضر بعلاقة الرئيس المنتمي للحزب الديمقراطي مع الناخبين اليهود وغيرهم من الناخبين في الدوائر الانتخابية المؤيدة لاسرائيل. وسيلقي اوباما كلمة امام جماعة ضغط قوية مؤيدة لاسرائيل في واشنطن يوم الاحد. لكن مساعدي الرئيس الأميركي قلقون من أن أي حرب جديدة في الشرق الأوسط يمكن أن تشيع الفوضى في اسواق النفط العالمية وتسبب ارتفاعا جديدا في اسعار البنزين بالولاياتالمتحدة وتقحم واشنطن في صراع عسكري غير مرغوب فيه. ومن غير الواضح ما إذا كانت تصريحات أوباما المشددة بشأن إيران ستكفي لتهدئة مخاوف نتنياهو الذي زار كندا الجمعة قبل ان يتوجه إلى واشنطن يوم الأحد. وحث نتانياهو يوم الجمعة القوى العالمية على عدم السعي لاجراء محادثات جديدة مع ايران التي تواجه عقوبات قد تشل صادراتها النفطية وطالب طهران بقائمة من المطالب. وطالب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايران بتفكيك منشأتها النووية قرب مدينة قم ووقف تخصيب اليورانيوم وازالة كل اليورانيوم المخصب لأكثر من 3.5 في المئة من البلاد. وفي مؤتمر صحفي في اوتاوا عقب محادثات مع رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر قال نتنياهو "أعتقد انه ينبغي ألا يقع المجتمع الدولي في هذا الفخ." ولكن في مسعى لتخفيف حدة التوتر قبيل اجتماعه مع اوباما قال نتانياهو "لم احدد ولا ننوي ان نحدد خطوطا حمراء للولايات المتحدة." وكان مسؤول اسرائيلي نقل في وقت سابق عن نتانياهو قوله لمساعدين كبار لاوباما خلال زيارة للقدس الشهر الماضي "اذا اردتم ألا اهاجم الآن فإني احتاج ضمانات." واشار البيت الابيض الى ان اوباما - الذي تعهد بمنع ايران من صنع اسلحة نووية لكنه ظل مبهما بشأن مدى استعداده- سيقاوم ضغوطا لتغيير كبير في السياسة. ولإبراز الفجوة بين الحليفين يشكو الاسرائيليون من ان ادارة اوباما تقوض التأثير الردعي لتهديدهم باستخدام القوة وذلك عن طريق التساؤل علانية عن التوقيت وجدوى شن ضربات جوية على ايران. وتعمل واشنطن على اقناع اسرائيل بأن اي هجوم اسرائيلي من طرف واحد سيصيب ايران بنكسة مؤقتة فقط. وقال مصدر مقرب من الادارة ان الرئيس قد يحاول تهدئة بعض مخاوف نتانياهو وقد يتعهد بفرض مزيد من العقوبات. ويشك مسؤولون اميركيون في ان نتانياهو سيقدم تطمينات بان اسرائيل ستشاور واشنطن اكبر مصدر للمساعدات العسكرية لها قبل شن اي ضربات على ايران التي دعت لتدمير اسرائيل. وحتى اذا طمأن اوباما رئيس الوزراء الاسرائيلي في جلسات مغلقة بأن الولاياتالمتحدة تملك القوة لتوجيه ضربة مدمرة للبرنامج النووي الايراني فإن الاسرائيليين اوضحوا انهم لا يستطيعون الاعتماد على هذا التعهد بمفرده. وتقول بعض الاراء في ادارة اوباما ان اخفاء اي خطط عسكرية اسرائيلية قد يكون افضل بالنسبة للولايات المتحدة نظرا لان اي مؤشر على الاشتراك (مع اسرائيل) سيلهب الشعور المناويء للولايات المتحدة في العالم الاسلامي.