حماية حق المستثمرين الصغار في الفشل وعدم اعتبارهم «فاشلين»، شرط ضروري لازدهار الأعمال الصغيرة التي يمكن أن تحمل في طياتها مشاريع كبيرة تغير وجه البشرية وترفع الاقتصاد في الدولة. هذه هي رسالة أحد أبرز مؤرخي حياة «وول ستريت» في السنوات الأخيرة إلى أعضاء جمعية الرواد الشباب في الأردن. اعتبر وليم د. كوهان، الذي يزور الأردن، أن «قصة الولاياتالمتحدة هي الريادة، ويقوم الاقتصاد الأميركي على ريادة المشاريع الجديدة التي تتيح للإنسان تجربة فكرة تؤدي إلى ابتكار شيء لا يعرف الناس حاجتهم إليه، تماماً كما حدث مع آلاف المخترعين من توماس إديسون إلى ستيف غوبز». وعزا السبب الرئيس لنجاح الريادة في الولاياتالمتحدة إلى «وجود بيئة قانونية ملائمة تتمثل في قوانين الإفلاس التي تسمح للناس بالتجربة والفشل من دون النظر إليهم كفاشلين. إذ في حال فشل مشروع ما لن يُلاحق صاحبه بوصمة الفشل مدى العمر بل يستطيع إعلان إفلاسه والبدء مجدداً، إذا كان مؤمناً بفكرته وبالحافز للنجاح». وكان كوهان عمل على مدى 17 سنة في مصارف «وول ستريت» وألّف كتباً كثيرة عن حياة هذا الشارع، بحيث اعتبر «مؤرخ حياة وول ستريت» وحاز على جائزة «غولدمان ساكس» لكتب الأعمال عام 2007. وتصدر كتابه الأخير «المال والسلطة: كيف أصبح غولدمان ساكس قائداً للعالم» قائمة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً. وحضّ كوهان الشباب الأعضاء في جمعية الرواد، على عدم الخوف من الفشل، مؤكداً ضرورة «الإيمان بإمكان نجاح فكرتك وعدم القلق من الفشل». ولم يسقط احتمالات «الفشل في بعض الأحيان»، لكن شدد على ضرورة «ألا يعوّق ذلك السير في طريقك»، وهذا ما سماه «قوة الفشل» التي تدفع المؤمنين بأفكارهم إلى السير فيها على رغم المعوقات والصعوبات. الفشل جزء من النجاح وأكد كوهان، الذي زار الأردن لإلقاء محاضرات حول التحديات والنظرة المستقبلية للريادة وتأمين رأس المال الاستثماري والعلاقة بين الريادة والابتكار والحصول على رأس المال، فضلاً عما تعنيه حركة «وول ستريت»، أن «الفشل جزء مهم من النجاح»، لذا رأى أن من «المهم وجود قوانين ومحاكم للإفلاس في الأردن شبيهة بما هو موجود في أميركا». وأوضح أن المشاريع التي أنشئت قبل خمس سنوات، استطاعت خلق 40 مليون فرصة عمل»، لذا شدد على أهمية «خلق بيئة قانونية مناسبة تعمل فيها هذه الشركات الجديدة، لأن معالجة البطالة أمر مهم للأردن كما هي حال الولاياتالمتحدة». وتطرق إلى شرط آخر مهم لنجاح الأعمال، يتمثل في «التمويل»، لأن نجاح المشروع «يتطلب الحصول على تمويل من المصارف وليس من جيوب الأقارب أو الأصدقاء»، مع اعترافه بأن التمويل المصرفي «بات أكثر صعوبة بعد أزمة المال العالمية». ونوّه ببعض المؤشرات الإيجابية المسجلة في السوق الأردنية لتشجيع الاستثمارات والإبداع والمتمثلة في وجود حاضنات للأعمال مثل «أويزيس500» التي تؤمن المكان المناسب للأعمال الصغيرة الناشئة لتؤسس ذاتها من دون القلق على الموظفين والأجور». وأعلن كوهان، أن «قوة الأردن تكمن في شعبه المتميّز بالإبداع والتفكير خارج الصندوق». وقال: «إذا واجه المرء معوقات مؤسسية، فيمكنه نقل أفكاره إلى مكان آخر للتواصل مع مستثمرين في العالم». وأشار إلى ما «تؤمنه شبكة الإنترنت من إمكانات لجمع الناس وعرض المشاريع الجديدة على المستثمرين أينما كانوا».