مع تواتر المؤشرات الأولية لنتيجة فرز الأصوات في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، كانت السمة الأبرز فيها السقوط الذريع ل «فلول الحزب الوطني» المنحلّ في سباق الوصول إلى «برلمان الثورة». وطالما شغلت النخب السياسية نفسها بمطالبة المجلس العسكري بإصدار قانون لعزل قيادات الحزب المنحل وأركان النظام السابق سياسياً، عقاباً لهم على ما اقترفوه من جرائم أفسدت الحياة السياسية في البلاد. وخاضت هذه النخب معارك ضروس ضد المجلس العسكري الذي تكررت وعوده بإصدار هذا القانون «إذا رأى أنه مفيد». وترددت أنباء عن أن المجلس العسكري لا يريد الدخول في معارك مع قيادات الحزب السابق، خصوصاً لما يتمتعون به من حظوة بين القبائل وعائلات الصعيد، وهم هددوا صراحة بإحداث قلائل إن حرموا من خوض الانتخابات البرلمانية. وبعد شدٍّ وجذب استمر أشهراً، أقرَّ المجلس العسكري قانون العزل السياسي في محاولة منه لامتصاص موجة الغضب الشعبي التي اندلعت في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، ترافق مع المطالبات بإسقاط المجلس العسكري وتسليم الحكم إلى سلطة مدنية. لكن القانون جاء ليشترط ثبوت تهمة الإفساد السياسي على أي من أركان النظام السابق بحكم قضائي، إذ يستلزم الأمر التقدم بشكاوى ومستندات للنيابة العامة والتحقيق فيها وتحويلها الى القضاء، فإن ثبتت على المتهم يُحرم من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات، وهو ما كان مثار انتقاد من النخب السياسية التي اعتبرت أن القانون «وصفة لإفلات قيادات الوطني من العزل». إلا ان هذه النخب تناست أن الشعب الذي أنجح الثورة يمكن أن يعوََّل عليه في عزل من ثاروا عليهم، وهو ما بدا أنه يتحقق، إذ لم تذكر أيُّ ترشيحات بخصوص المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات، اسمَ أي حزب مما اصطلح على تسميته ب «أحزاب الفلول»، وهي مجموعة من الأحزاب نشأت من رحم الحزب الوطني المنحل. هذا الاستبعاد الشعبي انتبه إليه حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، في معرض تأكيده تقدمه في الانتخابات وفقاً للنتائج الأولية لفرز الأصوات، إذ أكد أن غرف عملياته رصدت «استبعاداً شعبياً لفلول الوطني المنحل». وباستثناء اسمَي النائبين السابقين عن الحزب الوطني المنحل في الإسكندرية طارق طلعت مصطفى وفي أسيوط محمد صالح، لم يترشح أي من الفلول لخوض جولة الإعادة ضمن المرحلة الأولى التي ستُجرى الإثنين والثلثاء المقبلين. أما بخصوص القوائم، فجاءت «الفلول» في ذيل القوائم، ما يشير إلى أن الشعب طبَّق قانون العزل من دون انتظار أحكام قضائية.