ازدادت الدعوات إلى استبعاد أعضاء وكوادر «الحزب الوطني الديموقراطي» المنحل من الحياة السياسية لمدة خمس سنوات على الأقل بسبب اتهامهم بإفساد الحياة السياسية على مدار سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك، منذ صدور حكم بحل الحزب الوطني في مصر في أبريل الماضي بعد ثورة 25 يناير، واصطلح منذ ذلك الحين على إطلاق تسمية «فلول» على كل من ارتبط بنظام الحكم السابق. و تصاعدت حدة تلك الدعوات بالتزامن مع بداية انتخابات المرحلة الأولى لمجلس الشعب التي انتهت الأسبوع الماضي، وقرب بداية المرحلة الثانية التي ستدشن بعد غد، غير أن حكومة الدكتور عصام شرف المقالة، أفرجت عن قانون إفساد الحياة السياسية قبل أسبوع من الانتخابات البرلمانية، مما زاد حدة التوتر من جانب أعضاء الوطني المنحل الذين هددوا بحرق مصر في حالة إبعادهم من الانتخابات. أحزاب الفلول ورغم صدور الحكم، إلا أن قيادات الحزب الوطني المنحل نجحت في إنشاء أحزاب جديدة، على رأسها الدكتور حسام بدراوي الأمين العام للحزب الوطني أثناء الثورة، والدكتور محمد رجب الأمين العام اللاحق لبدراوي، والراحل طلعت السادات رئيس الحزب الأخير الذي تولى رئاسته قبل صدور حكم قضائي بحلّه بأيام قليلة. وقُدِّر عدد الأحزاب التي شكّلها رموز النظام السابق بنحو 12 حزباً منها: المواطن المصري (أسّسه محمد رجب الأمين العام للحزب الوطني السابق)، ومصر القومي (أسسه الراحل طلعت السادات رئيس الحزب الوطني السابق)، والاتحاد (أسسه حسام بدراوي الأمين العام للحزب الوطني الأسبق)، حزب الحرية (أسّسه معتز محمود عضو الحزب الوطني والنائب السابق في مجلس الشعب)، حزب مصر التنمية (أسّسته يمنى الحماقي النائب في مجلس الشورى السابق وعضو أمانة السياسات التي كان يترأسها جمال مبارك)، حزب نهضة مصر (أسسه أحمد أبو النظر عضو الحزب الوطني)، حزب مصر الحديثة (أسسه نبيل دعبس أحد أشهر الداعمين للحزب الوطني المنحل)، إضافة إلى خمسة أحزاب: بداية، و25 يناير، ومصر الثورة، والمستقلون الجدد، العربي للعدل والمساواة، أسسها أعضاء في الحزب الوطني المنحل من قيادات الصفين الثاني والثالث. تحذيرات على «الفيس بوك» وأثار دخول أعضاء الوطني المنحل الانتخابات على قوائم أحزاب أو فرادى، كثيرا من شباب الثورة المصرية، الذين رأوا أن الثورة لم تغير شيئا وتخوفوا من ظهور(الوطني) مرة أخرى على المشهد السياسي، وانطلقت حملات تحذيرية على صفحات الفيس بوك منها: «فقط دي بلدنا.. احترس من الفلول»، «أحزاب الفلول انشروا»، «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.. احترس من أحزاب الفلول»، «امسك فلول»، «قائمة أحزاب الفلول»، «قاطعوهم افضحوهم.. أحزاب الفلول».وقال عضو ائتلاف شباب الثورة زياد العليمي إن الحملات التحذيرية على «الفيس بوك «هدفها التوعية الشعبية للمواطنين. حملات شعبية ولم تكتف القوى السياسية بتحذيرات الفيس بوك لطرد الفلول من الحياة السياسية المصرية، بل أدركت مختلف القوى السياسية أنه لا سبيل لتطبيق مثل هذا القانون، إن صدر، على أعضاء «الوطني» خلال الانتخابات المرتقبة، فلجأت إلى إطلاق حملات شعبية لعزلهم، تعتمد على تحديد مرشحيه في الانتخابات عن كل دائرة أو المنضمين إلى القوائم الحزبية وشن حملات دعاية سلبية ضدهم لحض المواطنين على عدم منحهم أصواتهم. وأعلن «اتحاد شباب الثورة» البدء في مثل هذه الحملات الشعبية على مستوى الجمهورية تحت شعار «الشعب سوف يعزلهم بنفسه»، وذكر الاتحاد إن «المجلس العسكري أصر على عدم تطبيق قانون العزل السياسي كي يتيح الفرصة أمام أعضاء الحزب الوطني المنحل الاستمرار في خوض انتخابات البرلمان بنفس أساليبهم المتبعة من البلطجة وشراء الأصوات». وتقوم الحملة على توعية المواطنين بخطورة المال والبلطجة التي يستخدمها أعضاء «الوطني» من خلال مؤتمرات شعبية، تنظمها اللجان المركزية للاتحاد وتوعية المواطنين بمدى خطورة فلول «الوطني» كما أطلقت «حركة شباب ستة أبريل» حملات مماثلة سمتها «الدائرة البيضاء والدائرة السوداء» . تهديدات مباشرة و قال عضو المكتب السياسي للحركة أحمد ماهر: لاقت هذه الحملات صعوبات كبيرة وسجلنا أكثر من اعتداء على أعضاء الحركة من قبل فلول «الوطني» بسبب توعية الناخبين بخطورة التصويت لهم، مشيرة إلى أن عشرات من أعضاء الحركة تلقوا تهديدات مباشرة وغير مباشرة من قيادات وكوادر سابقة في «الوطني» إذا استمروا في هذه الحملات. وأثرت هذه الحملات الشعبية في بعض الوطني المنحل، ورفضوا الترشح في الانتخابات البرلمانية، بل فضلوا أن يعتزلوا الحياة السياسية، ومن بينهم وزير المجالس النيابية السابق الدكتور مفيد شهاب، ومؤسس حزب الاتحاد حسام بداروي، والنائب الوطني السابق بدائرة القليوبية شمال القاهرة سيد الفيومي . حكم المحكمة وصدر حكم تاريخي من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة قبل أسبوعين من الانتخابات البرلمانية يقضى بمنع فلول الوطني المنحل من الترشح في انتخابات مجلس الشعب المقبلة، إلا أن المحكمة الإدارية العليا بالقاهرة ألغت الحكم، مما أصاب كثيرا من الشعب بالإحباط، في الوقت الذي أثلج صدور الكثير من أعضاء الوطني المنحل المرشحين في الانتخابات، ومن بينهم النائب الوطني السابق بقنا في صعيد مصر عبد الرحيم الغول، الذي وصف قرار المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري بعزل الفلول عن الحياة السياسية بأنه قرار عادل وحكيم، مبرراً ذلك بأن من يطالب باستبعاد أعضاء الوطني ينادي بالديكتاتورية التي لم تطالب بها الثورة ولا الثوار، مهددا بحرق مصر في حال عزلهم، وأكد الغول أن بعض قيادات النظام السابق المحبوسين في سجن طرة حالياً هم سبب المصائب التي وقعت عليه، متهما أحمد عز وجمال مبارك فقط بالمسؤولية عن قيام الثورة معتبراً الرئيس المخلوع حسني مبارك غير مسؤول عن الفساد السياسي الذي وصلت إليه مصر قبل الثورة. رهان شعبي و أكد نائب رئيس محكمة النقض المستشار محمود الخضيري أن الشعب المصري الواعي سينجز ما تخاذل عنه المجلس العسكري والحكومة،مضيفا: «ربنا يغنينا عن المحكمة الإدارية العليا وعن المجلس العسكري والحكومة؛ الذين كان من الواجب عليهم إصدار حكم بعزل فلول الحزب المنحل، ومنعهم من الترشح حفاظًا على مستقبل الوطن». وتابع الخضيري قائلاً: «أنا أراهن على الشعب الذي تعوَّدنا منه أن يذهل العالم في كل مرة بوعيه وإصراره على تحقيق مطالب الثورة، ولن يمنح هؤلاء الفلول مقعدًا واحدًا في البرلمان المقبل». الإفساد السياسي وقال المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة أحمد أبو بركة: «إنه كان يجب على الحكومة أن تقوم بمقتضى حكم حل الحزب الوطني المنحل بمنع فلول الحزب من الممارسة السياسية والترشح للانتخابات لفترة معينة.» وأضاف أن قواعد الأحكام تجعل حكم محكمة المنصورة خاصًّا بمن صدرت ضدهم هذه الأحكام، وتعميم الحكم على مستوى الجمهورية يحتاج إلى رفع دعاوى ضد كلِّ من أفسد الحياة السياسية من رموز النظام المخلوع والحزب الوطني المنحل. وأوضح أبو بركة أن الحكم لا علاقة له بتوصيف من أفسد الحياة السياسية، فقد تعامل مع الحكم السابق بحل الحزب الوطني بناءً على دوره في إفساد الحياة السياسية، وبناءً عليه يكون كل عضو في الحزب المنحل قد أسهم بنسبة ما في الإفساد السياسي، وهو ما يترتب عليه منع الحزب وكل أعضائه من ممارسة العمل السياسي أو الترشح للانتخابات المقبلة. شباب الثورة ويرى أمين عام حزب الكرامة ومرشح التحالف الديمقراطي في الدائرة الأولى في القاهرة أمين اسكندر، أنه كان يجب تعميم الحكم الذي قضت به محكمة القضاء الإداري بالمنصورة؛ لأنه ينتصر لموقف الشعب المصري المطالب بعزل فلول الوطني ممن نهبوا ثروات البلاد، وشاركوا أو ساعدوا النظام المخلوع في تزوير الانتخابات والسطو على إرادة الأمة. وأوضح اسكندر أن تعميم الحكم كان سيسمح لشباب الثورة وقواها الحية بالنفاذ إلى البرلمان، وسيساهم في إحياء قضية الثورة لدى المواطنين الذين كانوا يتساءلون: لماذا يترشح هؤلاء لمجلسي الشعب والشورى بعد الثورة التي قام بها الشعب ضد فساد الحزب الوطني المنحل. وأضاف أن حزب الكرامة سيقوم بالتحضير لمواجهة فلول الحزب الوطني ورفع دعاوى؛ لمنعهم من الترشُّح في الدوائر التي يشارك بها، كما أن التحالف الديمقراطي الذي يشارك به الحزب سيتفق على خطوات جماعية لرفع دعاوى ضد مرشحي الفلول في جميع أرجاء الجمهورية. تقطيع لافتات واشتعلت المعركة الانتخابية بين أعضاء الوطني «المنحل» وبقية مرشحي الأحزاب السياسية في مصر، عقب صدور حكم محكمة القضاء الإداري في المنصورة، حيث قام عدد من النشطاء السياسيين بتقطيع وإزالة أعداد كبيرة من لافتات أعضاء الوطني المنحل والذين يخوضون الانتخابات ضمن قوائم أحزاب الاتحاد والمحافظين والمواطن المصري، كما قاموا بنشر صور تقطيع اللافتات على «فيس بوك» داعين المواطنين إلى عدم انتخابهم. وشهدت الإسماعيلية تقطيع لافتات لمرشحي الوطني حيث تم تقطيع لافتات الدكتور محمد الزغبي بمركز أبو صوير، فيما تم تقطيع لافتات زميله اللواء عادل عبد الغني في مدينة القنطرة غرب بواسطة مجهولين.كما شهدت محافظة الشرقية تمزيق لافتات وزير التضامن السابق الدكتور علي المصيحلي المرشح في مجلس الشعب، وكان من وزراء حكومة رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف .فيما وصفت إحدى لافتات الدعاية للمرشح سمير التلباني بأنه « صوت الثورة النابض»، وكان التلباني مرشح الوطني عن دائرة كفر سعد في محافظة دمياط في الانتخابات السابقة.