طرابلس، طنجة - أ ف ب، أ ب، رويترز - في وقت وجّه ديبلوماسي ليبي بارز اتهامات جديدة إلى دولة قطر بتقديم دعم بالمال والسلاح لفصيل إسلامي من فصائل الثوار، شدد الثوار الليبيون من لهجتهم مطالبين بنصيبهم في الحكومة الانتقالية المقبلة التي يجري البحث في تشكيلها على خلفية توترات بعدما عيّن ضباط سابقون في الجيش رئيساً جديداً للأركان تحفظ عنه الثوار. وطالب رئيس المجلس العسكري في طرابلس عبدالحكيم بلحاج الذي يبدو أنه بات لديه جيش صغير من المناصرين، مساء الخميس، ب «حقائب وزارية معينة» في الحكومة المقبلة التي ستعلن تشكيلتها الأحد (أو قبل يوم الثلثاء في حال تعثّرت عملية تأليفها). كما هدّد زعيم آخر للثوار في طرابلس هو عبدالله ناكر بثورة جديدة ضد الحكومة الجديدة إذا لم تنل رضا الثوار. وكان لافتاً أمس تجديد عبدالرحمن شلقم، مندوب ليبيا في الأممالمتحدة، اتهامه قطر بتزويد إسلاميين ليبيين بالمال والسلاح وطالبها بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده. وأضاف شلقم ل «رويترز» على هامش مؤتمر في مدينة طنجة المغربية إن هناك حقائق على الأرض وهي أن قطر تقدم المال لبعض الأطراف الإسلامية، مشيراً إلى أنها تقدم لها المال والسلاح وتحاول التدخل في أمور لا تعنيها، وقال إن ليبيا ترفض هذا. وتابع أن دولة قطر ما زالت تقدم المساعدة لبعض الأطراف الليبية وتزودها بالمال، وقال إن ليبيا ترفض هذا رفضاً قاطعاً. وأضاف أن قطر كانت من بين الدول التي أمدّت الليبيين بأكبر دعم عسكري ومالي وسياسي لإطاحة العقيد الراحل معمر القذافي. وأضاف أن ليبيا تشكر قطر على ذلك لكنها لا تريد منها أن تُفسد هذا العمل العظيم بتدخل لا معنى له في شؤونها. ولعبت قطر دوراً كبيراً في التحالف الدولي الذي ساعد المعارضين الليبيين على إطاحة القذافي في آب (أغسطس). وتنفي قطر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتقول إنها تستغل مواردها ونفوذها لمصلحة العرب جميعاً. وقال شلقم إنه ناقش المزاعم المتعلقة بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده مع السلطات القطرية ومع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني. وأضاف انه أجرى محادثات صريحة وانه حذر القطريين بصفة أخوية وأخبرهم انهم ساعدوا ليبيا إلى حد كبير وان الشعب التونسي أيضاً أمد ليبيا بأعظم المساعدات لكنه لم يتدخل في الشأن الداخلي الليبي. وجاء كلام شلقم في وقت نظّم ثوار ليبيون قاتلوا ضد نظام القذافي مسيرة في العاصمة الليبية للمطالبة بأن يكون لهم صوت في تشكيل الحكومة الليبية الجديدة التي يُتوقع أن يعلنها يوم الأحد رئيسها المكلّف عبدالرحيم الكيب. ولاحظت وكالة أسوشييتد برس أن المسيرة التي نظمها ثوار من مجموعات مختلفة ليل الخميس في طرابلس تمثّل «عرض قوة»، وأن قادة 30 كتيبة من أنحاء البلاد اجتمعوا قبل تنظيم المسيرة وهم يخططون لإعلان تحالف يعزز موقفهم أمام المجلس الوطني الانتقالي. وقال عبدالله ناكر وهو قائد للثوار في طرابلس وشارك في المسيرة إن الثوار لن يسيروا في الحكومة الجديدة إذا لم يوافقوا على أسماء أعضائها. وقال: «مطالبنا من الحكومة الجديدة هي فقط الشفافية وعدم اقصاء الثوار»، مضيفاً: «يجب أن يكون رئيس الاركان من الثوار الذين كانوا معروفين على الميدان»، في رفض على ما يبدو لقيام ضباط في الجيش الليبي السابق، أول من أمس، بتعيين رئيس جديد لأركان «الجيش الوطني» المزمع تشكيله. وكان نحو 150 ضابطاً وضابط صف في الجيش الليبي السابق التحقوا بالثوار، اجتمعوا في وقت سابق في مدينة البيضاء على بعد 200 كلم من بنغازي في شرق ليبيا ووافقوا بالاجماع على تعيين خليفة حفتر رئيساً للأركان، معلنين «إعادة إحياء» الجيش الذي لا يزال ينتظر اعادة تشكيله رسمياً. وحفتر من خريجي الاكاديمية العسكرية في بنغازي وتلقى تدريباً في الاتحاد السوفياتي السابق، وكان انشق عن الجيش اثر النزاع بين تشاد وليبيا ثم سافر إلى الولاياتالمتحدة حيث يقيم منذ التسعينات. وعاد إلى ليبيا في آذار (مارس) الماضي للانضمام إلى الثوار. وقال «اتحاد الثوار» في بيان له في طرابلس إنه «ينبغي اختيار (رئيس الأركان) من بين المقاتلين الذين كانوا في الصفوف الأولى على جبهات» المعارك ضد نظام القذافي. وأوضح الضابط منير مساعد المتحدر من بنغازي (شرق) والذي تلا البيان ل «فرانس برس» أن «الثوار ليسوا ضد حفتر كشخص بل ضد طريقة تعيينه». وأضاف: «علينا أولا أن نتوافق على معايير الاختيار قبل تعيين أي كان». من جهته، قال عبدالله ناكر رئيس مجلس الثوار في طرابلس «يجب أن يضطلع الثوار بدور في الحكومة الانتقالية». وأضاف: «لم تتم استشارتنا في تعيين رئيس الأركان. لدينا كفاءات لكنهم لم يتيحوا لنا الفرصة لتقديم مرشحينا». وتابع ناكر: «ينبغي أن يكون رئيس الأركان أحد الثوار الذين كانوا على أرض المعركة». وكان ناكر قال متحدثاً ل «رويترز» في وقت متقدم ليل الأربعاء في قاعدة في مقر شركة انشاءات مملوكة للدولة في طرابلس في حين استعد بعض من آلاف الرجال المسلحين الذين يقول انهم تحت تصرفه للقيام بدوريات أمنية ليلية في المدينة: «نحن لا نزال هنا على الأرض والقرار النهائي سيكون قرارنا». وطالب ناكر الكيب بتعيين وزراء يمثلون الثوار الشبان الذين اطاحوا القذافي وقال إن رجاله سيحتجون في شتى انحاء البلاد سلمياً «في باديء الأمر» إذا لم يعجبهم التشكيل الوزاري الجديد، مثلما فعلوا مع القذافي. وأضاف: «إذا وجدنا انه اصبح لدينا الديكتاتورية نفسها فسنرد بالطريقة نفسها». وعرض لقطات مصورة لرجاله وهم يطلقون صواريخ غراد ويقودون دبابات سوفياتية الصنع من طراز «تي-72» خلال الحرب. وقال: «لن تكون حركة مسلحة في البداية لكنها قد تتطور إلى ذلك. هناك احتمال قوي أن تصبح كذلك». وهوّن مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي ومقاتلون من وحدات أخرى من شأن نفوذ ناكر وهو مهندس أصوله من مدينة الزنتان تعهد بالعودة الى الحياة المدنية حينما يتم احلال الديموقراطية وتستقر أوضاع الأمن. بلحاج وفي الإطار ذاته، أعلن رئيس المجلس العسكري في طرابلس عبدالحكيم بلحاج الخميس انه توافق مع السلطات الليبية الجديدة على أن يتمثل الثوار في الحكومة. وقال بلحاج في مستهل عرض عسكري في العاصمة الليبية: «توافقنا على أن تُسند إلى مرشحين من الثوار بعض الحقائب الوزارية المحددة. نأمل أن يتم الوفاء بهذا الوعد». ودعا بلحاج، وهو جهادي سابق تحول قائداً عسكرياً في طرابلس، إلى «حكومة قوية بالتعاون مع جميع الثوار» السابقين الذين قاتلوا معمر القذافي. وأضاف في خطاب ألقاه: «من الخطورة القول إن عمل الثوار انتهى» مع سقوط نظام القذافي و «تحرير» ليبيا. وتابع: «ينبغي إدراك خطورة المرحلة المقبلة (...) لقد انجزنا المعركة الميدانية ونحن مستعدون اليوم لخوض معركة من أجل الدولة، دولة مدنية وحديثة». وذكرت وسائل إعلام ليبية أن بلحاج هو أحد المرشحين الأوفر حظاً لتولي حقيبة الدفاع في الحكومة الجديدة. وأعلن رئيس الوزراء الليبي عبدالرحيم الكيب أن حكومته ستتألف من تكنوقراط، لكن الضغوط التي تمارسها القبائل والمجموعات المسلحة قد تحول دون تشكيل حكومة مماثلة. وخلال العرض العسكري مساء الخميس، تقدم عشرات من المقاتلين من منصة الشرف حيث نددوا ب «تهميشهم» مطالبين بتعويضات. وقال عبدالحميد مديحب وهو مقاتل سابق: «كنا على الجبهات ولم نتلق شيئاً. أما هم (المسؤولون) فيجلسون على كراسيهم وينظمون عروضاً بآلاف الدولارات».