تملك البندورة الطماطم تاريخاً حافلاً بالمفاجآت، فهي ظلت ردحاً طويلاً من الزمن مالئة الدنيا وشاغلة الناس، نظراً لما رافاقها من اعتقادات كثيرة، منها الخاطئ ومنها الصحيح، وهي ما زالت تبهر البحاثة بالمزايا الصحية التي تملكها هذه الحبة الحمراء المدورة او... المفلطحة. والبندورة "ولدت" في البيرو في اميركا الجنوبية، والرحالة الاسبان هم الذين اكتشفوها فنقلوها الى اسبانيا وايطاليا وبعدها الى فرنسا وانكلترا. واطلق عليها الفرنسيون اسم "تفاح المجانين" ولم يكن احد يتجاسر على التهامها، ولكن مع اندلاع الثورة الفرنسية تذكر الناس اهمية البندورة وأقروا بسلامتها فأقبلوا على اكلها. ونظرة الاميركيين تجاه البندورة كانت في البداية "قاتمة"، اذ كانوا يصنفونها في قائمة الاغذية السامة التي تثير العديد من العلل، الا ان الكولونيل روبيرت جيبون جونسون هو الذي قرب قلوب مواطنيه من البندورة، ففي شهر ايلول سبتمبر من العام 1820 قام الكولونيل جونسون بالتهام، ليس حبة واحدة، وإنما سلة كاملة من البندورة في عرض حشد بضعة آلاف من المشاهدين، وقد ظن الذين شاهدوا "المسرحية" ان تصرف الكولونيل هو نوع من الانتحار، وبأنه سيسقط جثة هامدة بعدها، ولكن شيئاً من هذا لم يحصل وبعدها اصبحت البندورة واحدة من الاطعمة المفضلة لدى الاميركيين. من أهم صفات البندورة انها تحتوي على صباغ "الليكوبين" الذي يعطي اللون الاحمر للبندورة، وقد وجد الباحثون بأن هذا الصباغ يحط رحاله في غدة البروستات بعد هضم البندورة، وان خطر الاصابة بسرطان البروستات يكون ضعيفاً عند الرجال الذين "يعج" دمهم بصباغ الليكوبين. وفائدة البندورة لا تقتصر على البروستات، ففي دراسات انجزت في المختبر، اكد العلماء ان صباغ الليكوبين يملك قوة عالية في منع تكاثر الخلايا السرطانية التابعة لأورام الثدي والرئة والرحم. ومن ناحية اخرى، تقي البندورة من خطر التعرض للاصابة بسرطانات المعدة والكولون والمستقيم، فقد وجد البحاثة ان هذه السرطانات تنخفض بمعدل 60 في المئة عند اولئك الذين يلتهمون سبعة اقراص من البندورة على الاقل اسبوعياً بالمقارنة مع الاشخاص الذين لا يأكلون سوى قرصين او اقل. ويوصى بالبندورة للوقاية من سرطان الرئة ايضاً، لأنها البندورة تحتوي على مركبين هما: حامض "كوماريك" وحامض "كلورجينيك"، وكلاهما يملكان فعلاً مثبطاً لنشاط مواد "النيتروسامين" المسرطنة. وقد اعتقد العلماء في بداية الامر، ان هذا الفعل المثبط يرجع الى الفيتامين ث، ولكن في دراسة حديثة تبين ان البندورة تقف حجر عثرة تجاه المواد المسرطنة حتى ولو أزيل الفيتامين ث منها. والبندورة غنية بالفيتامينات أ وث وي الضرورية للجسم لتخليصه من المواد السامة، وكذلك تحتوي البندورة على الفيتامين ب الذي يساعد على هضم السكاكر والأدهان. وفي "أحضان" البندورة يوجد أكثر من نصف دزينة من المعادن مثل البوتاسيوم والماغنيزيوم والنحاس والكلس والفوسفور، اضافة الى عنصر البروم الذي يمتاز بأهميته الخاصة المهدئة للأعصاب، وتحتوي البندورة على حوامض نباتية مركبة باستطاعتها الاتحاد مع القلويات مشكلة معها أملاحاً تساعد في تعديل حموضة المعدة والدم. وفي الماضي كانت البندورة تتهم بأنها وراء تشكل الرمال والحصوات البولية، بسبب احتوائها على حامض الاوكزاليك، ولكن كمية هذا الاخير ضئيلة للغاية ولهذا لا مانع من وصفها للمصابين بأمراض النقرس والرمال والحصوات البولية شرط ان تكون ناضجة. والبندورة مفيدة كاملة غير منقوصة، فالقشرة تنشط عمل الامعاء وتسهل حركتها، الامر الذي يسهام في مكافحة الإمساك وطرح الفضلات. ولب البندورة يساعد على ترطيب جوف الامعاء ويسهل عملية انزلاق بقايا الطعام. اما عصيرها الذي يشكل 85 في المئة من وزنها، فهو سهل الامتصاص والعبور الى الدورة الدموية حاملاً معه العناصر المغذية على اختلاف انواعها. ويجب ان لا يغيب عن بالنا بأن البندورة الشديدة الحمرة ليست بأفضل انواعها، بل ان افضلها هي تلك التي يكون لونها قريباً من لون الجزر، فهذا يدل على انها نضجت بفعل الشمس وكلنا يعرف الفرق بين بندورة نمت تحت اشعة الشمس وتلك التي لا تراها أبداً! أخيراً وليس آخراً، هناك خرافة ايطالية تقول بأنه لكي تصبح ميليارديراً فعليك ان تزرع قطعة نقدية في قرص كبير من البندورة يسبخ في زيت الزيتون!