من أجمل ما حدث في بداية هذا العام إشعاع ضوء الأمل في لبنان، يوم التاسع من يناير أشرق بشمس جديدة بعد الظلام الذي خيّم عليه طويلاً. منذ الصباح الباكر واللبنانيون وكل محبي لبنان كانوا يترقبون اللحظة التي يتحرر فيها البلد الجميل من الأسر ويداوي جراحه التي أثخنته ومواجعه التي أرهقته كي يعود جميلاً كما كان. يتساءل البعض: لماذا كل هذا الاهتمام بالشأن اللبناني؟ ولماذا كان كل ذلك التطلع لملء الشغور الرئاسي الطويل؟ ولماذا الارتياح بعد وصول الرئيس المنتخب جوزيف عون إلى قصر بعبدا؟ الإجابة عن هذه التساؤلات واضحة، فلبنان بلد عربي، ومن الطبيعي أن يحرص العرب على خروجه من أزمته واستتباب أمنه واستقراره وعودته إلى المنظومة العربية التي أريد له الخروج منها بفعل الوصاية القسرية عليه من طرف خاضع لإرادة غير عربية، ينفذ أجندتها ومشروعها لخلق الفوضى والخراب في المنطقة. لقد أصبح لبنان بفعل ذلك الوضع يعيش أزمات متتالية عصفت باقتصاده وأمنه، وعرضته لمواجهات غير متكافئة حصدت أرواح أبنائه ودمرت بنيته الأساسية على مدى وقت طويل. لقد أدخل حزب الله وحلفاؤه المنتفعون في المنظومة السياسية اللبنانية السابقة لبنان في متاهات مظلمة تسببت آخر المطاف في ما يشبه العزلة لبلد عربي كان حيوياً وفاعلاً. تحول لبنان من مصدّر للكفاءات والخيرات والخبرات إلى مصدر للمخدرات والعصابات والميليشيات، انتقل قراره السيادي من قصر بعبدا والسراي الحكومي إلى سراديب الضاحية الجنوبية وحماقاتها التي أقحمته فيما لا طاقة له به. الآن تم انتخاب رئيس بتوافق داخلي ودولي، يتمتع بمواصفات قيادية وحس وطني ورغبة في إعادة مفهوم الدولة وسيادتها. خطابه في البرلمان كان شاملاً لكل أمنيات اللبنانيين الوطنيين، والفرصة أمامه مواتية بشكل جيد لإنفاذ برنامجه إذا قدّمت الطبقة السياسية لبنان على بقية الاعتبارات والمصالح الضيقة. لقد أهدرت المناكفات والولاءات فرصاً كثيرة على لبنان، ونتمنى أن يتم استثمار هذه الفرصة بوعي ومسؤولية وطنية حقيقية.