الزواج سنة معتادة لاستمرار الحياة، لأنه اللبنة الأساسية لبناء العلاقات العاطفية وبناء الأسرة لتكوين المجتمع. كما أنه غريزة ومطلب نفسي وتكاملي ويهدف للتكاثر وحفظ النسل. فلهذا يفترض أن يبدأ الزواج بشكل صحي بين الزوجين لاستمرار سعادتهما واستقرار حياتهما، وكذلك لضمان إنجاب أبناء يتمتعون بصحة جيدة وخالية من الأمراض الوراثية مثل "فقر الدم المنجلي والثلاسيميا" أو الأمراض المعدية مثل " الالتهاب الكبدي الفيروسي ب، الالتهاب الكبدي الفيروسي ج، نقص المناعة المكتسب «الإيدز»" ، وأي من هذه الأمراض سيكون الهم الأكبر في حال انتقال المرض لأي من الزوجين أو الأبناء - لا سمح الله - ناهيك عن استمرار فرصة انتقال ذلك المرض للأجيال القادمة. في ضوء ذلك أقرت وزارة الصحة السعودية في عام 1425ه برنامج فحص للمقبلين على الزواج، مع إلزام طرفي العقد بإحضار شهادة الفحص الطبي قبل إجراء عقد النكاح، ولكن دون الإلزام بنتائج الفحص الطبي، كما نفذت برنامج التوعية للخطيبين في حال عدم توافقهما صحيًا للزواج أو الإنجاب، ووفرت عيادة خاصة للمشورة كي توضح كل ما قد يترتب على زواجهما في حال إصرارهما عليه، من حيث انتقال الأمراض لأحد أفراد الأسرة، ومع ذلك تجد إصرار البعض على الزواج دون التفكير بشكل عقلاني في الأضرار التي ستلحق بالمصاب من أفراد الأسرة مستقبلا. كل ما في الأمر أن " قيسا لا يريد التخلي عن ليلى"، لتلد المأساة بعد ذلك لهذه الأسرة وتبدأ المشاكل الصحية والاجتماعية والنفسية ، ليتحول العشق بين قيس وليلى إلى هم طويل الأمد وندم بعد فوات الأوان، وإلى المزيد من الضغط على المؤسسات الصحية وبنوك الدم، لأن معظم الأمراض الوراثية لا يوجد لها علاج جذري بل علاجات تعمل على إبطاء تطور المرض أو التقليل من تأثيره في الحياة. ويستمر ذلك العلاج مدى حياة المصاب بالمرض. ولهذا نتمنى أن ينظر للأمر بشكل أكثر حرصًا على سلامة مجتمعنا، حتى لو فرضت قرارات تنص على إلزام الزوجين بتكاليف العلاج في حال إصابة أي من أفراد الأسرة بمرض معدي أو وراثي، إذا تم الإصرار على زواجهما، في حال عدم وجود نص شرعي لمنعهما من الزواج، حفاظًا على صحتهم وصحة أبنائهم.