زاد أخيراً، اتجاه عدد كبير من المؤلفين والمخرجين السينمائيين والتلفزيونيين الى اتخاذ عناوين عدد من الاغنيات و"التيمات" الشعبية والمواويل عناوين لأعمالهم الدرامية. وكانت استخدام العناوين انطلاقاً من اسماء الاغنيات وغيرها بدأ مع بداية الفن السينمائي حين كان اسم الفيلم، وتحديداً الفيلم الغنائي، يحمل اسم اشهر اغنية فيه يتغنى بها البطل او البطلة اللذان كانا مغنيين غالباً، مثل افلام "لحن الخلود" لفريد الاطرش و"لحن الوفاء" لعبدالحليم حافظ وشادية وغيرها. ومع بداية التسعينات كثر الاتجاه الى اختيار غير اغنية عنواناً لغير عمل فني منها "ضحك ولعب وجد وحب" لعبدالحليم حافظ، حيث قام ببطولة الفيلم الذي حمل العنوان نفسه يسرا وعمرو دياب. وحدث الشيء نفسه لرضوان الكاشف، في فيلمه "ليه يا بنفسج" ومجدي احمد علي في فيلمه "يا دنيا يا غرامي". غير أن العام الحالي يشهد أكبر نسبة من الاعمال التي تحمل عناوين اغنيات. فقد انتهى المخرج يوسف فرنسيس من تصوير فيلم "حبيبتي من تكون؟". ونادية حمزة انتهت من تصوير فيلم "وحياة قلبي وأفراحه" من تأليف فايز غالي وبطولة الهام شاهين، وكلاهما اسماء لاغنيتين لعبدالحليم حافظ. ويعرض حالياً على شاشة القناة الفضائية المصرية مسلسل "ع الحلوة والمرة" من تأليف مدحت عبدالقادر وبطولة صفية العمري وسمية الألفي ويوسف شعبان واخراج عبدالعزيز السكري وعنوانه مأخوذ عن اغنية لعبدالغني السيد لحنها محمود الشريف. وتصور حالياً ساندرا نشأت فيلمها "ليه خليتني أحبك" لمنى زكي وكريم عبدالعزيز من اغنية لليلى مراد. وكذلك يصور المخرج سمير الصدفي مسلسل "هو صحيح الهوى غلاب" ويحكي قصة حياة الموسيقار زكريا أحمد، عن عنوان واحدة من اشهر اغنيات أم كلثوم. كما يصور المخرج محمد السيد عيسى قريباً مسلسل "الصبا والجمال" من تأليف احمد عبدالقوي وبطولة رغدة وممدوح عبدالعليم الى جانب مسرحية "حكيم عيون" لعلاء ولي الدين والعنوانان مأخوذان عن اسم أغنيتين لمحمد عبدالوهاب. حول أسباب اختيار المؤلفين اسماء الاغنيات عناوين لأعمالهم الدرامية يقول المؤلف والمخرج يوسف فرنسيس: "اخترت عنوان اغنية "حبيبتي من تكون؟" عنواناً لفيلمي لأن العبارة مناسبة تماماً لموضوع الرواية حيث يوجد بطلان كل منهما متشكك في هوية وشخصية حبيبته فالبطل فاروق الفيشاوي الفنان ابن الاقصر يلتقي وآثارالحكيم ويحبها ويكون على وشك الارتباط بها في الوقت الذي يلتقي بها الطبيب محمود قابيل المقيم في الخارج اثناء مرضها ويحبها ويتزوجها من دون أن يعلم عنها شيئاً". ويضيف فرنسيس: "لم أختر الاغنية كأغنية فقط ولكن كمعنى، فأنا شخصياً احب عبدالحليم حافظ وعملت معه واقدره كفنان، ولا أنكر أن هناك عناوين اخرى كانت تصلح عنواناً للفيلم، لكنني شعرت أن اغنية حليم فيها معنى رومانسي عميق يتناسب ومعاني الفيلم". أما المؤلف احمد عبدالقوي والذي اختار اغنية "الصبا والجمال" عنواناً لمسلسله فيقول: "السبب في اختياري لهذا الاسم ان الاغنية مشاركة في شكل فعال في أحداث العمل، كما ان البطل وهو فنان تشكيلي شاب، يرسم عبر الاغنية وكلماتها صورة للبطلة يتجسد فيها فنه وحبه، وتعبر في النهاية عن الصبا والجمال. وهناك تمازج بين الأغنية الخالدة والتي تمثل قمة الشفافية والرومانسية وبين شفافية الفنان المحب لفتاته والتي هي الأخرى واقع حي للصبا والجمال..". ويضيف عبدالقوي: "اختيار المؤلف لأسماء أعماله بالرجوع الى الماضي ربما هو نوع من الحنين الى زمن الفن الجميل ولا يدل هذا على نضوب في اختيار الاسماء - للأعمال الحديثة أو إلى التقليد الأعمى لكل قديم بل هو حنين وجداني الى زمن كان فيه الفن راقياً واستمر وعاش نتمتع ونستمتع به الى الآن". أما المؤلف محمد حلمي هلال والذي قام بتأليف سيناريو فيلم "يادنيا يا غرامي" فيقول: "من دون سبب أو قصد أو اتجاه اخترت عبارة "يا دنيا يا غرامي" عنواناً لفيلمي حيث اعجبتني كثيراً، اضافة انها كانت تُعبر عن مضمون الفيلم وكان هذا هو المعيار. والدليل أن الشريط كان يحمل عنواناً آخر هو "بطة واخواتها" قمنا بتغييره ووضع الاسم الجديد". ويضيف هلال: "يوجد أحياناً نوع من التواطؤ الضمني بينك وبين الجمهور الذي يعرف العنوان، وتكون انت كتبت موضوعاً معيناً ينطلق منه فيبدو وكأنك تتحاور مع هذا الجمهور من خلال شيء يعرفه. وهنا لا بد ان أذكر أن فيلمي الثاني "هيستريا" من بطولة أحمد زكي وعبلة كامل وإخراج عادل أديب، ليس لإسمه علاقة بالأغاني". ويقول المؤلف مدحت عبدالقادر الذي اختار أغنية "ع الحلوة والمرة" عنواناً لمسلسله التلفزيوني: "لم يكن في ذهني عندما اخترت عنواناً لعملي، اسم الاغنية، انما كان مقصدي ترجمة الواقع الفعلي لشخصيتي العمل سمية الالفي وصفية العمري ومدى الترابط الذي نشأ بينهما منذ الصغر ومساندة كل منهما للاخرى في حياتها سواء في الحلوة او المرة، وكذلك ترجمة لفلسفة الحياة نفسها، ففلسفة الفكرة كانت مسيطرة على ذهني أكثر من الاغنية". وعن الاتجاه الذي طرأ اخيراً على عدد من المؤلفين الذين اختاروا اسماء الاغنيات عناوين لأعمالهم الفنية يقول عبدالقادر: "ليس هذا اتجاهاً بقدر ما هو شعور من المؤلف والانتاج بأن هذا الاسم جذاب ورنان ويترجم الدراما داخل العمل ويلفت النظر اليه اكثر من اختيار اسم آخر قد يضع حاجزاً ما بين المتفرج والدراما المقدمة مثلما حدث في أعمال كثيرة وكل هذا شريطة الا يكون العنوان المختار مبتذلاً"، ويشير عبدالقادر: "كنت انتهيت من كتابة مسلسل تلفزيوني عنوانه "مهر البنات" يتعرض للمغالاة الكبيرة في المهور التي يطلبها اولياء الأمور، وعندما استمعت الى اغنية للفنانة ليلى نظمي عنوانها "حلوة ومهري غالي" قمت بتغيير اسم المسلسل ليحمل عنوان الاغنية لأنني أدركت انه أكثر تعبيراً عما يحويه العمل".