احتلت خمسة عروض سينمائية صالات العرض في مصر كلها مع بداية ايام عيد الاضحى المبارك. وهذه الأفلام ما زالت تتصارع فيما بينها على جذب اهتمام المشاهدين. بل ان بعضا منها تجاوز حدود مصر الى بعض الدول العربية. وهذه العروض هي "امن دولة" بطولة نادية الجندي ومحمود حميدة وياسر جلال، واخراج نادر جلال، و"لماضة" بطولة شريهان وماجد المصري واخراج محمد عبدالعزيز، و"فتاة من اسرائيل" بطولة محمود ياسين ورغدة وفاروق الفيشاوي واخراج ايهاب راضي، و"الظالم والمظلوم" بطولة نور الشريف والهام شاهين واخراج حسام الدين مصطفى، اما العرض الخامس فهو مسرحية "الزعيم" التي تم تحويلها الى عرض سينمائي من بطولة عادل امام واخراج شريف عرفة. وأول ما يلفت في معركة افلام العيد الاخير هو الانسحاب التام الذي قامت به افلام عيد الفطر الماضي تاركة الساحة امام الاعمال الجديدة. فللمرة الاولى ربما منذ عشرين عاماً لا يستمر في عيد الاضحى اي فيلم من افلام عيد الفطر، على الرغم من ان ابطالها هم فرسان السينما الكبار عادل امام الواد محروس بتاع الوزير ونادية الجندي الامبراطورة ومحمد هنيدي آلابندا، وهو ما يدل على ان هذه الاعمال صادفت فشلاً ذريعاً جعلها لا تستطيع تجاوز حاجز العشرة اسابيع، مع العلم بان عادل امام ونادية الجندي، على وجه التحديد، كانا يصران دائما على عرض أفلامهما في عيد الفطر حتى يضمنا جمهور هذا العيد وعيد الاضحى الذي يليه. ولم تقض افلام عيد الاضحى فقط - خلافاً للعادة - على افلام عيد الفطر، وانما انهت ايضاً سيطرة فيلم "صعيدي في الجامعة الاميركية" الذي تقرر رفعه من صالة سينما كايرو في وسط القاهرة لمصلحة فيلم نور الشريف الجديد "الظالم والمظلوم". ويأتي هذا بعد ثمانية اشهر كاملة، اكتسح خلالها فيلم محمد هنيدي كل ما عداه من افلام. صحيح انه حقق رقماً قياسيا من ايرادات شباك التذاكر 25 مليونا لم يسبقه اليه اي فيلم مصري آخر لكنه يقل بنحو ثلاثة عشر اسبوعا عن فيلم محمد هنيدي السابق "اسماعيلية رايح جاي" ونحو عشرين اسبوعا كاملة عن فيلم سعاد حسني الشهير "خلي بالك من زوزو" الذي عرض في صالات عرض الدرجة الاولى، ثلاثة وخمسين اسبوعاً، مسجلاً رقماً قياسياً في عدد اسابيع العرض لم يصل اليه اي فيلم آخر. غير ان اللافت في افلام عيد الاضحى ان ايا منها لم يخلُ من المشاكل اذ صادف صعوبات عدة قبل ان يشق طريقه الى شاشة العرض. فيلم "أمن دولة" - مثلاً - شهد قبل ايام من عرضه مواجهة حادة بين بطلته نادية الجندي ومنتجه محمد مختار من جهة والمخرج الجديد كريم جمال الدين من جهة، ودخل كاتب السيناريو مصطفى محرم طرفاً ثالثاً. فالمخرج المذكور له فيلم لم يعرض، منذ ثلاث سنوات، عنوانه "قضية امن دولة" من بطولة يسرا واشرف عبد الباقي، ومن هنا جن جنونه حينما علم ان اسرة فيلم نادية الجندي قامت بتغيير عنوانه من "المهمة الاخيرة" الى "امن دولة"، فخاطب كلاً من الرقابة على المصنفات الفنية وغرفة صناعة السينما، لانقاذه مما اعتبره جوراً على فيلمه. ولأن مؤلف الفيلمين واحد هو مصطفى محرم، فقد سعى الى تبرئة نفسه مؤكداً عدم مسؤوليته عن تغيير الاسم . في الوقت نفسه اقسم المنتج محمد مختار ان المؤلف هو الذي اختار اسم "امن دولة" وكان الاجدى به ان يبتعد عن عنوان فيلمه الآخر بدلاً من محاولة تبرئة ساحته بهذه الطريقة. اما نادية الجندي فقد أبدت دهشتها من الضجة المثارة، وتساءلت عن اسباب تعمد اثارة الجدل حول عناوين افلامها بالذات. وأعادت نادية الى الاذهان واقعة فيلم "48 ساعة في اسرائيل" عندما ظهر كاتب سيناريو واعلن ان لديه فيلماً بعنوان "24 ساعة في اسرائيل" غير ان فيلمه هذا لم ير النور حتى الآن. وفيلم "لماضة" واجه مخرجه محمد عبد العزيز المشكلات التي اثارتها بطلته شريهان قبل اشهر، فقد رفضت استكمال تصوير بعض مشاهده لاسباب تتعلق بظروفها الخاصة وكذلك لخلاف مع المنتج، ثم ابدت اعتراضها على توليف الفيلم من جديد بطريقة تتلافى المشاهد التي لم يتم تصويرها. وهذا الاعتراض بلغ ذروته اثناء مشاركة الفيلم بمهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي الصيف الماضي. لكن المخرج لم يعر ذلك التفاتاً ومضى قدما في تجهيز فيلمه حتى تمكن من عرضه اخيرا بعد اكثر من عامين على بدء تصويره. واذا كان فيلم "لماضة" قد استغرق انجازه سنتين تقريباً، فان فيلم "الظالم والمظلوم" صادف وضعاً غريباً وفريداً حيث تأخر عرضه تسع سنوات كاملة من دون سبب واضح. فالفيلم خرج من معامل التحميض في العاشر من شباط فبراير 1990، وكانت مدته قبل المونتاج 145 دقيقة، ثم حدث الغزو العراقي للكويت، وتأثرت السوق السينمائية تأثرا واضحا، فاحتفظ المنتج فاروق صبري بفيلمه طوال هذه السنوات قبل ان يفرج عنه مع اول ايام عيد الاضحى. وفي تعليقه على هذه الواقعة قال مخرج الفيلم حسام الدين مصطفى ل"الوسط" انه شخصياً لا يدري شيئا عن اسباب تأخر عرض الفيلم الذي يعتبره من اهم افلامه المائة. واضاف ان الاجابة عند فاروق صبري وحده الذي القى بالفيلم في صالات العرض من دون الدعاية اللائقة بفيلم كهذا كان من الممكن ان يحقق نجاحاً أكبر لو تم عرضه في ظروف افضل. واذا انتقلنا الى الفيلم الرابع "فتاة من اسرائيل" المأخوذ عن قصة للاديب محمد المنسي قنديل والذي يتعرض بشكل مباشر لقضية التطبيع مع اسرائيل، فان حساسية موضوعه جعلته عرضة للرفض الرقابي اكثر من مرة قبل ان يمنحه الرقيب الحالي علي ابو شادي موافقته، ولكن بعد اجراء اكثر من تعديل على السيناريو الذي شارك في كتابته كل من رفيق الصبان ومصطفى محرم وفاروق عبدالخالق، اضافة الى مخرجه ايهاب راضي في اول تجربة اخراجية له. ولم يتطلب الامر فقط اجراء تغييرات على السيناريو وانما احتاج كذلك الى تغيير العنوان اكثر من مرة من "الوداعة والرعب" نفس عنوان العمل الادبي، الى "ظل الشهيد" ثم الى عنوانه الحالي "فتاة من اسرائيل". وقد اكد المخرج ايهاب راضي ل"الوسط" ان "ظل الشهيد" هو انسب عنوان لمضمون الفيلم، لكن الاعتبارات التجارية هي التي دعت الى ابداله بالعنوان الجديد.