الذين حضروا الندوة التي اقامها مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي في دورته الرابعة عشرة للفنان محمد هنيدي، تأكدوا أكثر من غيرهم إلى أي مدى أصبح هذا النجم متغلغلاً في قلوب الجماهير. فالاستقبال الحافل الذي لقيه ومظاهرة الحب التي أحاطت به من جانب زملائه النجوم، وعلى رأسهم نجلاء فتحي ويسرا. يدلان على أن هنيدي قد أصبح بعد فيلمه الأخير "صعيدي في الجامعة الأميركية" ظاهرة تستحق التأمل والدراسة. يكفي أن الفيلم مع بداية أسبوعه الثامن يوشك أن يتجاوز حاجز الأحد عشر مليون جنيه مصري، وأنه حقق في يوم واحد من أيام أسبوعه الثاني عائداً قدره 400 ألف جنيه، وهو ما لم يحققه أي فيلم آخر في مسيرة السينما المصرية. وتكتسب هذه الأرقام أهميتها ومدلولها اذا علمنا أن فيلم هنيدي السابق "اسماعيلية رايح جاي"، الذي لفت الأنظار الى الممثل الشاب واعتبره الجميع قمة النجاح الجماهيري، حقق في ستة واربعين أسبوعاً ما يزيد قليلاً على ستة عشر مليون جنيه، وهذا معناه أنه لو استمرت الحال على هذا النحو من الإقبال الجماهيري فإن "صعيدي في الجامعة الاميركية" سوف يحقق أضعاف ما حققه الفيلم السابق، وتدل كل المؤشرات على أن الحال سوف تستمر على ذلك لأسابيع عدة على الأقل. فقد طلب كثير من أصحاب الصالات في القاهرة والمحافظات عرض الفيلم. حتى أن أكثر من ثلاثين صالة تعرض الفيلم حالياً في وقت واحد، بل إن إحدى الصالات في مدينة رأس البر الساحلية تعرض في برنامج واحد فيلمي "اسماعيلية رايح جاي" و"صعيدي في الجامعة الاميركية" في اشارة واضحة إلى أن محمد هنيدي - بطل الفيلمين - قد أصبح النجم المفضل رقم واحد لدى مشاهدي السينما في مصر، وفي الوطن العربي ايضاً، حيث حقق الفيلم الأخير نجاحات مماثلة عند افتتاح عروضه خلال هذا الشهر في كل من سورية ولبنان والاردن والامارات بحضور بطل الفيلم نفسه. على صعيد آخر علمت "الوسط" ان العديد من أصحاب الأفلام الأخرى رفضوا عرض أفلامهم في ظل اكتساح فيلم هنيدي، وعلى رأس هذه الأفلام فيلم "الامبراطورة" من بطولة نادية الجندي وكان تحدد تاريخ عرضه خلال شهر آب اغسطس الماضي. لكن منتجه هاني جرجس فوزي فضّل الانتظار حتى ينتهي عرض فيلم هنيدي الجديد أو على الأقل حين تخف حدة الإقبال الجماهيري عليه. ويقال أيضاً أن عادل إمام فعل الشيء نفسه في شأن فيلمه الجديد "الواد محروس بتاع الوزير"، وفضّل الانتظار الى أول أيام عيد الفطر المقبل، وهو ما كان اعتاد عليه على أي حال، في السنوات الأخيرة. والفيلم الوحيد الذي تحدى "صعيدي في الجامعة الاميركية" كان فيلم أحمد زكي وليلى علوي "اضحك... الصورة تطلع حلوة" الذي يعرض حالياً في عشر صالات تقريباً. ورغم شاعرية هذا الفيلم وقيمته الفنية إلا أنه لا يحقق وجوداً جماهيرياً محسوساً في مواجهة فيلم محمد هنيدي، ولولا أن هذا الفيلم من انتاج جهة حكومية ممثلة في اتحاد الاذاعة والتلفزيون لفكر صاحبه ألف مرة قبل أن يغامر بعرضه جماهيرياً في هذا التوقيت بالذات. وقد انعكس النجاح السينمائي الذي حققه محمد هنيدي في فيلمه الأخير على مسرحية "ألابندا" التي يشارك فيها حالياً حيث زاد الاقبال الجماهيري عليها منذ بدء عرض الفيلم، واضطر منتجها عصام إمام - شقيق عادل إمام - الى إلغاء اجازة المسرح الاسبوعية، والاستمرار في عرض المسرحية لمدة أسبوعين آخرين على الأقل. وأمام هذا النجاح اللافت بدأ محمد هنيدي يعيد حساباته بالنسبة لاتفاقاته القديمة، فاعتذر من الشركة المنتجة للبرنامج التلفزيوني "أنت عامل إيه"، الذي عُرض في رمضان الماضي، عن عدم استكمال حلقاته، خصوصاً أنه لم يكن متحمساً لذلك من البداية بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهت اليه في حينه. كما تقدم بطلب الى التلفزيون المصري برفع أجره أسوة بالنجوم الكبار عند أي عمل جديد يشارك فيه، كذلك قرر الانسحاب من بطولة "فيلم هندي" الذي كان من المفترض أن يمثله أمام ليلى علوي من إخراج داود عبدالسيد رغم ان منتجه حسين القلا عرض عليه رفع أجره الى نصف مليون جنيه، إلا أن هنيدي فضّل الاعتماد على "الخلطة السحرية" التي صنعت النجاح لفيلمه الأخير بدلاً من أن يزج بنفسه - في هذا التوقيت - في أفلام الصفوة المثقفة التي يقدمها داود عبدالسيد وعرض على حسين القلا ان يعوضه هذا الفيلم بأي فيلم آخر يختار هو قصته بنفسه. وازاء تفجر نجومية الممثل الشاب تراكمت السيناريوهات الجديدة في بيته، ما اضطره الى رفع أجره إلى ربع مليون جنيه في الفيلم تمهيداً لزيادته الى نصف المليون بعد أن كان أجره في الفيلم الأخير نحو مئة ألف جنيه. أما بخصوص مشاريع أفلامه الجديدة، فلم يستقر على أي منها باستثناء فيلم يحمل عنوان "همام في امستردام" تشارك فيه العناصر ذاتها التي صنعت فيلم "صعيدي في الجامعة الأميركية"، في ما يبدو أنها نية لتقديم سلسلة من هذه الأفلام على غرار سلسلة أفلام اسماعيل ياسين ولا سيما أن الكثيرين يعتبرون هنيدي امتداداً للنجم الراحل. ووسط الكلام عن مشاريع هنيدي ونجاحاته التي اصبحت حديث الناس طفت على السطح معلومة لم تتأكد بعد عن أن المخرج الكبير يوسف شاهين يسعى هو الآخر الى استثمار نجاح هذا الفنان، وانه يعد له فيلماً جديداً يقوم ببطولته بعد أن يفرغ من فيلم "الآخر" الذي أوشك على بدء تصويره. وحين سئل المخرج الكبير عن صحة هذا النبأ أجاب أنه لا يتحدث عن فيلم لم يكتبه بعد، وان ما يشغله الآن هو فيلمه الجديد. المعروف أن يوسف شاهين قدم هنيدي في دور عابر سنة 1990 ضمن أحداث فيلم "اسكندرية كمان وكمان"، يوم لم يكن أحد يعرف شيئاً عن ذلك الشاب المغمور.