سعاد الدباغ عاشقة للتراث بصفة عامة، وهي دارسة للتاريخ قبل أن تكون مصممة أزياء تراثية. بدأت هوايتها هذه في مرحلة مبكرة من حياتها، إذ قضت أوقاتاً طويلة بين الفلاحين في مسقط رأسها مدينة الطائف وعاشت تفاصيل حياتهم، وراقبت نساءهم وهن يعملن في الحقول وملابسهن وأدوات زينتهن، فانطبعت تلك المشاهدات في وعيها وذاكرتها، ودفعتها الى القيام بجولات على انحاء السعودية كافة لتتعرف على أزياء كل منطقة وأدوات زينتها الخاصة. هذا الاهتمام والحب للتراث تحول في ما بعد الى ممارسة تجارية بعدما أصبح لدى المصممة الموهوبة حرفة تمارسها باتقان، فأسست داراً للأزياء وأدوات الزينة التراثية في السعودية، وهي اليوم تقطف ثمار عملها الدؤوب. "الوسط" التقت سعاد الدباغ ودار الحوار الآتي: اهتمام المرأة باقتناء التراث الشعبي النسائي أمر مألوف، ولكن يلاحظ أنك تجمعين أيضاً أدوات حرب تراثية، لماذا؟ - هذه الأمور طبيعية ولا غرابة فيها، فالمرأة كانت تحارب في الاسلام ومن ثم فإن اقتناء المرأة للأدوات الحربية التراثية لا يتنافى ووضعها كامرأة، فهذه مثل الملابس والمجوهرات والتحف، لا بل يمكن أن تعتبر بعض أدوات الحرب، كالخنجر مثلاً، تحفاً، وكل ما يهمني أن هذه المقتنيات تراث مصنوع يدوياً. ولماذا يلاحظ أن أكثر مقتنياتك التراثية الخاصة بزينة المرأة السعودية من الفضة؟ - لأن النواحي الاقتصادية في تلك الأيام كانت لا تسمح باقتناء الذهب. فتاريخ الذهب هنا لا يتجاوز الخمسين عاماً فقط. ولا تتعجبوا أن بعض الفضة المستعملة كان مغشوشاً ومخلوطاً بمعادن أخرى. وما هي أندر القطع لديك؟ - عقد من الجنوب خاص بالعروس وهو من الفضة المرصعة بالأحجار الكريمة، ولندرته لن أبيعه مهما كان الثمن مغرياً. ما هو هدف سعاد الدباغ من العمل في مجال جمع وإعادة تقليد الملابس الشعبية والتراثية؟ - أولاً: لأحافظ على تراث بلدي وذلك بنسخ القديم، وأحمد الله أنني حققت هذا الهدف فبوسع أي امرأة تريد ثوباً شعبياً من أي منطقة في السعودية أن تجده عندي. وثانياً: لتشجيع المرأة السعودية على ارتداء الثوب الشعبي السعودي بعد أن حاولت التخلص منه، أنا أثابر على تشجيعها منذ دخولي المجال التجاري قبل حوالي 16 عاماً. والهدف المادي؟ - أجزم لك أنني كنت أخسر على امتداد 12 عاماً وذلك لقلة الوعي بالتراث إذ لم تكن المرأة السعودية راغبة بشراء الثوب الشعبي بقدر رغبتها بشراء ثوب أوروبي. غير أني واصلت المحاولة بفضل التشجيع الذي لقيته من أسرتي، وخصوصاً أبي وأمي وزوجي. وكنت أعوض هذه الخسارة من البيع في فرع الهدايا والفضيات. كما أنني بصدد اصدار موسوعة عن الملابس الشعبية في المملكة وهذا أهم عندي من الربح المادي. من خلال معايشتك للتراث، أي المناطق أكثر التصاقاً بتراثها وخاصة ما يتعلق بزينة المرأة؟ - المناطق الجبلية حيث أنها نائية نوعاً ما، ومن ثم حافظ سكانها على تراثهم فترة أطول من المناطق الساحلية كجدة والدمام مثلاً فأهل المناطق الجبلية لا يزالون يحتفظون بملابسهم الشعبية ويتمسكون بتقاليدهم في الزواج، لكن لا ننسى أن جميع المناطق حتى الساحلية بدأت تهتم بتراثها. نلاحظ أن الملابس التراثية القديمة أكثر دقة وجمالاً من مثيلاتها الحديثة على رغم التطور الذي يشهده عالم تصميم وتنفيذ الأزياء، كما أن أسعارها مرتفعة فما سبب ذلك؟ - الأشياء التراثية بصفة عامة باهظة الأسعار لأنها أولاً تنتج باليد وليس بواسطة الآلة، ومهما تجد الآن من تقليد لها لن يكون بالدقة التي صنعت بها في الماضي فاليد دائماً أكثر دقة واحساساً بالجمال من الآلة حتى أن الأقمشة كانت تلون باليد وهذا تصعب ممارسته بالجودة التقنية ذاتها. وثانياً: لأن هذه الثياب تحكي وتؤرخ حضارة لها خصوصيتها ومن ثم يجب أن ترتفع قيمتها. وأعترف بأنني حاولت خلال السنوات الأخيرة تقليد القديم للمحافظة عليه قدر المستطاع إلا أنني أيقنت بأن القديم أفضل جودة وتقنية وربما جمالاً من الحديث. الملابس الشعبية متى يكثر الإقبال عليها؟ - يكثر الإقبال على الملابس التراثية خلال شهر رمضان المبارك لدرجة أن بعض السيدات يشتري 30 ثوباً مرة واحدة، لأنه زي محتشم يسهل ارتداؤه وجميل جداً ومناسب لهذا الشهر المبارك. وما مدى إقبال النساء الأجنبيات على شراء الملابس التراثية السعودية؟ - الأجانب، خصوصاً ابناء الدول الغربية واليابان، يقدرون التراث بصفة عامة وإقبالهم كبير على تصاميمنا التقليدية، ونصف مبيعاتي كانت لهم، لكن الملابس التي صممتها ارتدتها سيدات من جميع أنحاء العالم. ومن هن أشهر النساء اللواتي اقتنين تصاميمك؟ - اشترت عقيلة امبراطور اليابان ملابس تراثية سعودية من عندي خلال زيارتها للسعودية قبل حوالي 3 سنوات، وكذلك اقتنت الأميرة ديانا بعض الثياب التقليدية التي صممتها.