تخفي ازدهار الفارس (موظفة) ما هو مزركش من ثيابها، وتطغى عليه خطوط الموضة العصرية، تمهيداً لاستقبال شهر رمضان، ويبقى خيارها الوحيد بحسب ما ترغب فيه اقتناء الجلابيات الشعبية ذات النقوش والرسومات الهادئة، التي تبعث الارتياح والشعور بالروحانية، كما أنها تفكر ملياً قبل شرائها، فالألوان عامل رئيس لمدى تقبلها لارتدائها من عدمه، وتقول: «في رمضان ابتعد عن عالم الموضة واترك كل ما يشغلني عن أداء العبادات، فيبقى خياري الجلابيات الشعبية ذات الطابع الشعبي التراثي». الجلابيات ذات الحشمة التي تخلو من الألوان الصارخة وقطع الشيفون وغيرها من الإكسسوارات البراقة والمتدلية، تختفي على حساب ظهور الجلابيات «العملية»، التي يكثر انتشارها في الأسواق أثناء شهر رمضان، إلا أن للأولى أيضاً وجوداً بسيطاً، ولكن بعد غروب الشمس وتناول طعام الإفطار والتقاء النساء. وتوضح أم عبدالعزيز (64 عاماً) المفارقات التي طرأت وأحدثت تغييرات جذرية على ملابس النساء في رمضان وتستوقفها الذكريات، وتقول: «في الماضي كانت النساء يرتدين ثياباً مخصصة لاستقبال الشهر الفضيل فكانت تكثر في الأسواق الشعبية، ولاسيما القرى والهجر، فهي أشبه ما تكون بملابس الصلاة، إلا أن حياكتها وتصميمها يختلفان». الجلابيات لم تظهر في ذلك الوقت بحسب أم عبدالعزيز، التي تسرد وتضيف: «قبل 30 عاماً كانت تلتقي النساء لحياكة ملابس للأطفال أيضاً، فيشعرون بنكهة رمضان ودخول الشهر الكريم»، وتتأسف على اندثار تلك العادات الرمضانية التي تزدحم بعبق الروحانية على حد تعبيرها. وعلى الضفة المقابلة، تشاطرها الرأي منى السالم، التي تستوقفها ذكريات الطفولة، وتقول: «أزياء رمضان أيام طفولتنا كانت في غاية الجمال، وحالياً أطفالنا لا يعبأون بذلك، وبالنسبة إلى النساء لا نلتفت حالياً إلا إلى الجلابيات التي تبدو أكثر هدوءاً وتخلو من النقوش المتعددة هذا أثناء فترة الصيام، وتختلف الأمور جذرياً ما بعد الإفطار، ولكن الطابع العام يبقى سيد الموقف، وهو ارتداء الجلابيات الشعبية ذات العبق التراثي». أصحاب المحال التجارية يختلفون في الرأي مع النساء قليلاً، فهم يلاحظون مدى الإقبال على الجلابيات التي يطلقون عليها «جلابيات رمضانية»، إلا أنهم لا ينكرون اندثارها تدريجياً، ويعتبر بعض الباعة الجلابية «الزي الرسمي للمرأة العربية ومع الدورة الفلكية للموضة والأزياء العصرية انحسر كما انحسرت الأزياء التقليدية والشعبية لكل شعوب الأرض، ولم تعد تلبس إلا في مواسم معينة وخاصة». يأتي رمضان وتأتي معه مواسم الزيارات واللقاءات العائلية، وترى المرأة أن لكل زمان ومناسبة زياً يناسبهما ويليق بهما ورمضان موسم الجلابية الشرقية، فيزداد الطلب عليها في الليالي الرمضانية أثناء الزيارات العائلية والمناسبات الخاصة، إذ تكون الفرصة للتقارب ولم الشمل أكثر، وخصوصاً على وجبتي الإفطار والسحور، بحسب العديد من السيدات. ونظراً إلى ما تلبيه هذه النوعية من الملابس من راحة أثناء الاستخدام، وأيضاً خروجاً عن النسق المألوف في الملابس الرسمية اليومية المعتادة طوال العام، فتعود المرأة في رمضان من خلال ارتداء الجلابية أكثر التصاقاً بالجذور ومحافظة على الأصالة وتمسكاً بالعادات والتقاليد. مصممة الأزياء رضوى إسماعيل، تضيف: «لهذا نرى الجمعيات الخيرية والمراكز النسائية بدرجاتها كافة تستعد لإقامة البازارات، والمعارض الخاصة بالشركات الرائدة، وتتيح المجال للمصممات المحليات لعرض إنتاجهن وتصاميمهن من الجلابيات الشرقية بموديلات حديثة مستوحاة من التراث الشرقي، سواء الخليجي أم الهندي أم الإيراني مع اختيار خامات ملائمة ومريحة، وإضافة جانب من الفخامة على تلك القطع بإدخال إكسسوارات وأحجار كريمة وشبه كريمة عليها حتى تلبي الأذواق كافة من السيدات والفتيات الصغيرات، اللاتي بدأن يقبلن على لبس الجلابية الشرقية التي صممت بطريقة عصرية تحوي إكسسوارات وضعت بطرق لافتة لتلك الفئة العمرية، مصنوعة من خامات عصرية مثل الجينز والجورجيت وغيرهما من الأقمشة».