رغم وجوده في موقع تراثي وسط سوق البلد بالباحة، إلا أن الرجل السبعيني الذي يمتهن حياكة الملابس التراثية، نجح في جلب خيوط ملابسه من فرنسا وسويسرا، حتى بات يمتلك خبرة عالمية جعلت من حجرته الصغيرة داخل السوق العتيقة موازية لما تطرحه بيوت الأزياء العالمية في مدن أوروبا. ولم يكتف المسن عبدالله الرباعي، بواقعية التراث، بل أضاف تصاميم غربية على الثوب التراثي الشهير في المنطقة الجنوبية، فأضاف على موضة التراث القديم لمسات من فصوص وخطوط موضة يستوردها من إسبانيا ويوغسلافيا بعدما رأى أن هناك تطورا، وأن الزبائن يطلبون الجديد من خطوط الموضة؛ ما جعله يحاكيها ويستوعب ما يحبذه الزبائن من تجديد ومواكبة لعالم الأزياء، دون إلغاء الجانب الأصيل من الثوب التراثي. الرباعي الذي يجلس في متجره المتواضع الذي يضم إلى جانبه عشرات المحال التراثية، يحيك ملابس بأسعار لا تتراوح قيمتها بأكثر من 30 ريالا للأطفال: «لكنها تتصاعد أحيانا إلى ألفي ريال إذا ما تضمنت خطوطا وإضافات تراثية معروفة، بل هناك أزياء تراثية تصل قيمتها إلى ستة آلاف ريال للثوب الواحد، متى ما زادت الخطوط الذهبية المعروفة، وأصر طالب الزي التراثي على وضع لمسات أوروبية مثلا». ويبين أن تلك الأزياء التراثية التي تشتهر بها مناطق جنوب المملكة تختلف أسماؤها ما بين الثوب المشتغل أو المحبوك أو العسيري وفق أسمائها المتعارف عليها عند القبائل، لكن الرباعي الذي ظل 60 عاما وهو يعمل في مهنة حياكة تلك الملابس، ويعمل على ماكينة خياطة، لا يتردد يوما في جلب أجود أنواع الأقمشة الفاخرة، كالقماش الفاخر الحرير الذي تتراوح ألوانه ما بين الأسود وهو الأكثر شعبية، أو الأزرق أو الأحمر أو الأخضر: «لي زبائن من خارج السعودية، وأغلب السائحين يفدون من أوروبا وأمريكا وآسيا، ويحرصون على شراء الملابس التراثية، ويمكثون وقتا لديه لمعرفة تفاصيل الخياطة التي تتطلب احترافا وتعبا مضنيا، رغم أنني أعمل على ماكينة وليست يدوية، ومع ذلك يأخذ العمل وقتا، ويتطلب جهدا مضاعفا وخبرة في آلية تصميم الخيوط، وطريقة الأشكال الهندسية التي لا تغفل جانب التراث، والبدايات الحقيقية لصنع مثل هذه الأزياء». واعترف الرباعي بأن: «الثوب التراثي كان في السابق مخصصا للنساء كبيرات السن، والآن بات موضة رائجة للجميع، حيث أصبح زيا للعرائس ولحفلات الزفاف، إضافة إلى أن العديد من السائحين يحرضون على اقتنائه في مناسباتهم الاجتماعية الكبيرة، وهو يتميز بأنه ثوب مريح ورائع، إضافة إلى أن العديد يقتنيه للأطفال الذين يصمم لهم بطرق خاصة» .