تأسست جماعة انصار السنة قبل استقلال السودان عام 1956، وسجلت رسمياً جمعية تمارس نشاطها ولها تنظيمها الخاص بقيادة رئيس عام "وامراء" في الولايات والمدن والاحياء، ولها مؤسسات تنشط في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وشاركت جماعة انصار السنة بعد استقلال السودان في وضع التصورات الخاصة بحكم البلاد بعد الاستقلال. وهي تدعو الى النهج السلفي ولها علاقة وطيدة بالسلفيين في بلدان اخرى. ويقع المركز العام لهذه الجماعة في حي السجانة في مدينة الخرطوم ويضم مسجداً كبيراً يؤمه الشيخ مصطفى ناجي. ولها مسجد آخر في أم درمان يؤمه الشيخ ابو زيد محمد حمزة، وهو المسجد الذي شهد المجزرة يوم الجمعة في الرابع من الجاري. وعلاقة جماعة أهل السنة بپ"الاخوان المسلمين" جيدة منذ تأسيسها، خصوصاً ان الجماعتين تتفقان على مبدأ ضرورة نشر الدعوة الاسلامية واقامة التربية في المجتمع حتى تتهيأ له الفرصة ليحكم نفسه، بعد ان ينتشر الدين الاسلامي الصحيح وسط قطاعاته. وظل مركز الجماعة في حي السجانة لسنوات طويلة منبراً رئيسياً لمهاجمة الطرق الصوفية والطوائف السياسية في السودان، ما جعلها تستحوذ على قطاعات واسعة من ابناء الطرق الصوفية التي سرعان ما تبينت الامر فتولد العداء بين الطرفين. وباتت الجماعة تقود معارك حقيقية في شرق البلاد وشمالها ووسطها فاغلقت مساجد عدة لها خلال فترة حكم الرئيس السابق جعفر نميري وكان ابرزها مسجد واد مدني. وساهمت الحملات التي قادتها الاحزاب والطوائف الدينية في السودان من خلال الطرق الصوفية في نشر فكر جماعة انصار السنة خصوصاً في مدينة كسلا، معقل الختمية التي يتزعمها السيد محمد عثمان الميرغني. علماً ان العلاقة بين الجماعتين يحكمها العداء. ومن المفارقات في العلاقة بين الحكومة السودانية الحالية وجماعة انصار السنة، ان هذه الجماعة هي الوحيدة التي تمارس نشاطها بحرية في السودان اذ لم يطاولها القرار الذي حل كل الاحزاب والجمعيات بعد انقلاب 1989 بقيادة الفريق عمر البشير. ويمكن المراقب مسار الاحداث ان يلمس ان الخلاف بين انصار السنة والطوائف والفرق والاحزاب اكبر منه بينها وبين الجبهة الاسلامية القومية التي تأسست عام 1985 من الجناح الرئيسي لپ"الاخوان المسلمين" الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي. غير ان توسيع "قواعد" الجبهة لتضم المتصوفة وفعاليات مؤثرة من الاحزاب الاخرى ادت الى خلافات جديدة بين الجبهة وانصار السنة، وهي في مجملها خلافات مردها تعثر الجبهة في اقامة مجتمع ونظام اسلاميين في شتى مناحي الحياة. ولكن، على رغم ذلك يلاحظ ان بين جماعة انصار السنة والجبهة الاسلامية روابط تجمع بينهما خصوصاً ان مجمل المعارضين لنظام البشير يبحثون عن "بديل علماني". لذا فالخلاف بين الطرفين يدور في محور محدد الابعاد. الا ان خلاف الجماعة مع طائفة الختمية فجوهري، اذ ان بعض افراد الختمية يحرص على عدم الصلاة خلف امام من انصار السنة بحجة ان هؤلاء ينتمون الى "المذهب الخامس" ويسمونهم "خامسية". كما ان بعض انصار السنة لا يصلي خلف امام من طائفة الختمية لأنه "مشرك". كما تحرص عائلات من هذه الجماعة او تلك على عدم تزويج ابنائها او بناتها للطرف الآخر. ولعل اكبر الخلافات بين انصار السنة والختمية يتركز في الحلف بغير الله والنذر لغير الله وشد الرحال الى القبور. وهي مسائل تتعلق بالتوحيد الذي لا تجامل فيه الجماعة، بينما تعتبر الختمية ان هذا ليس شركاً فتحلف بپ"الميرغني" وتشد الرحال الى ضريحه وأضرحة الآخرين من الأولياء والصالحين. وظهرت في الفترة الاخيرة خلافات حادة بين انصار السنة وأنصار المهدي الصادق، وبينهم وبين الختمية وبينهم وبين الحكومة الحالية على رغم مبايعتهم المبكرة لحكومة البشير منذ نجاح الانقلاب عام 1989. فقد نشب اخيراً صراع بين اجهزة الأمن السودانية والشؤون الدينية من جهة وأنصار السنة عندما وضعت الحكومة خطة شاملة لتسيير المساجد من بين خطوطها تعيين ائمة لها والافادة منها لتوجيه المجتمع والرأي العام السوداني. غير ان انصار السنة ترى الى مساجدها مراكز دعوة وتعلم ورسالة تربوية تهتم بتعليم العربية وتدريس الحديث النبوي الشريف وحفظ القرآن الكريم. وكثيراً ما استدعي قادة الجماعة في الأشهر الاخيرة الى مباني اجهزة الأمن بتهمة ممارسة التحريض ضد الدولة من فوق منابر مساجدها. وتكررت الاستدعاءات، وكانت الجماعة تهادن السلطة اثر كل استدعاء، لكنها كانت تعاود الهجوم على السلطة مرة اخرى بعد مرور اسابيع. وعبر الرئيس البشير بنفسه عن ضيقه بممارستها التي وصفها بأنها سياسية. وعلى رغم ان الجماعة تنفي هذه الصفة عن نفسها، الا ان ممارساتها لا تخلو من التشدد في تطبيق الشريعة الاسلامية. وساندت الرئيس نميري بقوة وأبت اي طعن في تطبيقات الشريعة الاسلامية على عهده، الى حد ان رئيسها قال في هذا الصدد: "نحن نعرف شريعة تقتل القاتل وتقطع يد السارق وتجلد وترجم الزاني". وبلغ خلاف انصار السنة مع الحكومة الحالية عندما عبّر رئيسها في حفلة لتكريمه مع آخرين من العلماء نظمتها الحكومة، عن غضبه من احتضان لحكومة الجبهة اسلامية. وقدم نوصائحه الى الرئيس البشير بأن يصبح العائل والراعي للشعب السوداني كله. الا ان فعاليات الجبهة الاسلامية تأخذ على انصار السنة انهم لا يواكبون روح العصر لندرة كوادرهم المتخصصة وضيق منظورهم الاسلامي لاقامة الدولة الاسلامية. ولعب انصار السنة تاريخياً، دوراً بارزاً في تحريض الشارع السوداني عندما كفروا طالبة شيوعية في احدى الجامعات، وطالبوا بطرد النواب الشيوعيين من البرلمان في اول سابقة سياسية. وقال رئيس الجماعة لپ"الوسط" أنهم كانوا على أهبة الاستعداد للانقضاض على الحكومة الديموقراطية وعلى برلمانها لو ان اعضاء الغوا القوانين الاسلامية التي بدأ تطبيقها أيام نميري. وكانت جماعة انصار السنة على خلاف ايضاً مع الاحزاب السياسية وزعيم الانصار السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق. اذ اصدر وزير الاشغال في عهد الصادق امراً بردم حفريات انشئت لاقامة مركز اسلامي جديد لانصار السنة في احدى ساحات مدينة الثورة، ومنح تلك المساحة لفرق الناشئين لاستخدامها ملعباً لكرة القدم. وعندما طلب المهدي لاحقاً دعم رئيس انصار السنة لاستقطاب الجنوبيين المهاجرين من الجنوب المسيحي وادخالهم الاسلام رفض رئيس انصار السنة طلبه، مذكراً اياه بحادثة "ساحة المسجد التي تحولت ميداناً رياضياً". ومن الخلافات التي اشار اليها رئيس انصار السنة اخيراً مع السلطة الحالية تدريب الفتيات على حمل السلاح بواسطة مدربين من الرجال، وتزايد الاختلاط في الحدائق. واعتلاء النساء المناصب القضائية. الى ذلك لم تكن الجماعة راضية عن موقف الحكومة من حرب الخليج الثانية، ومن العلاقات السودانية - المصرية. واعلن رئيسها موقفه بوضوح. ويتمتع رئيس انصار السنة بمكانة ملحوظة في منطقة الخليج، وقد طلبت منه الحكومة الحالية في وقت سابق معالجة علاقاتها مع دول الخليج، وبذل الشيخ الهدية جهوداً كبيرة في هذا الصدد.