خرج مناصرون للعقيد المخلوع معمر القذافي عقب صلاة الجمعة في طرابلس، أمس، رافعين أعلاماً خضراء في ضاحيتي أبو سليم والهضبة، وكلاهما من المعاقل المعروفة بتأييدها النظام السابق. وسُجّلت مواجهات بالرشاشات والصواريخ بين المتظاهرين وقوات الحكم الليبي الجديد، في أول حادثة بهذا الحجم في العاصمة منذ طرد القذافي منها في آب (أغسطس) الماضي. وجاءت مواجهات طرابلس بعد نداء من القذافي للتظاهر تأييداً لنظامه، في وقت واصلت القوات الموالية له إبداء مقاومة عنيفة في مسقط رأسه سرت حيث دفع المجلس الانتقالي بمزيد من التعزيزات، بما في ذلك الدبابات، لحسم المعركة المستمرة منذ أسابيع. ويتحصن مؤيدو القذافي في حي الدولار والحي رقم 2، في حين يسيطر المجلس الانتقالي على بقية المدينة. وسُجّلت معارك شرسة في المدينة أمس حيث تكررت أحداث «النيران الصديقة» بين فصائل الثوار، إذ سقط ما لا يقل عن أربعة قتلى و20 جريحاً من المقاتلين الذين كانوا يحاولون التقدم نحو مواقع القذافي فتم قصفهم بمدفعية الدبابات من فصيل آخر من الثوار. وتنتمي القوات المهاجمة إلى فصيلين أساسيين هما ثوار مصراتة الذين اقتحموا سرت من الغرب وثوار بنغازي الذين تقدموا من الشرق. وعقد قادة الثوار اجتماعاً بعد الظهر لتنسيق القتال وتجنّب تكرار حوادث «النيران الصديقة» التي غالباً ما وقعت خلال الأيام الماضية. في غضون ذلك، لبّى مناصرو القذافي دعوته للتظاهر في طرابلس أمس، وخرج عشرات حاملين أعلاماً خضراء حاولوا رفعها على مداخل حي بوسليم فتصدى لهم عشرات من الثوار الذين جاؤوا بشاحنات بيك أب واشتبكوا مع مسلحين كانوا يتمركزون على أسطح بعض المباني. وكان الثوار يتوقعون بالفعل أن يحاول مناصرو العقيد المخلوع الخروج في تظاهرات في الشوارع تلبية لندائه، لذلك عززوا تمركزهم في الأحياء التي تُعرف بولائها له. لكن ذلك، كما يبدو، لم يردع هؤلاء عن محاولة رفع الأعلام الخضراء التي ترمز إلى النظام السابق. وكان مقاتلو المجلس الانتقالي يقومون حتى المساء بعمليات دهم في حي بوسليم بحثاً عن مناصرين للقذافي. ولم تُعرف حصيلة الدهم ولا عدد المعتقلين، لكن أفيد عن وقوع ما لا يقل عن تسعة جرحى مصابين بإصابات بالغة. كما سُمعت أصوات انفجارات وإطلاق نار في أحياء عدة أخرى في طرابلس بينها حي الهضبة الخضراء وحي بوغشير حيث تم رفع الأعلام الخضراء لتأكيد ولاء السكان للنظام المخلوع. والمنطقتان معروفتان بتأييدهما للقذافي، شأنهما شأن حي بوسليم. كما أفادت وكالة «فرانس برس» أن مناصرين للقذافي خرجوا على الطرقات في غرب ليبيا قرب الحدود مع تونس. واستمر معبر رأس جدير الذي يربط بين البلدين مغلقاً أمس لليوم الثالث من دون أن تتضح الأسباب. ومعروف أن للقذافي مؤيدين ما زالوا يتحصنون في مناطق قبائل الجميل حيث يمكنهم النزول منها بسرعة لقطع الطريق إلى تونس قرب منطقة زوارة الموالية للثوار. وأفاد «ثوار 17 فبراير» في مدينة سبها (جنوب ليبيا) أن من وصفتهم ب «العصابات الاجرامية التشادية من قطاع اوزو» قامت باجتياح منطقة تراغن (150 كلم جنوب سبها) و هي «تنهب وتقصف المدنيين وتسرق سيارات المواطنين». ويبدو أن الثوار يشيرون إلى أن القذافي في هذه الحالة يستعين بمتزقة تشاديين لمحاولة توتير الأوضاع في الجنوب الليبي. كذلك أفيد أن طائرة وصلت إلى مستشفى غريان (جنوب غربي طرابلس)، أمس، وهي تقل 28 من الثوار المصابين خلال هجومهم على مدينة بني وليد التي يتحصن فيها مناصرو القذافي جنوب شرقي طرابلس. ولم يُسجّل سقوط قتلى من الثوار الذين حققوا، كما قالت مصادرهم، تقدماً واضحاً على الأرض.