طرابلس، لندن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - أطلقت أجهزة الحكم الجديد في ليبيا السبت حملة لتطهير العاصمة طرابلس من المسلحين الموالين لمعمر القذافي بعد معارك عنيفة بالرصاص الجمعة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص فضلاً عن عشرات الجرحى، في أول قتال في طرابلس منذ سيطرت قوات المجلس الانتقالي عليها في آب (أغسطس). وهدأ الوضع صباح السبت في حي بوسليم الذي شهد الاشتباكات الدامية بين المؤيدين للقذافي وقوات المجلس الانتقالي الجمعة. وتعهد عبدالحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري في طرابلس باتخاذ اجراءات صارمة ضد المقاتلين الموالين للقذافي وما وصفه ب «الخلايا النائمة» للنظام السابق والتي قال انه سيتم استهدافها في عمليات تطهير. وكان مسلحون موالون للقذافي اشتبكوا الجمعة مع مقاتلين موالين للمجلس الانتقالي في حي بوسليم الذي يبعد عشرة كيلومترات إلى الجنوب من وسط المدينة والمعروف بأنه يضم مؤيدين للزعيم الفار. كما قال ديبلوماسيون ل «رويترز» إن إطلاق نار من سيارة مسرعة وقع قرب فندق راديسون حيث يقيم عدد من كبار مسؤولي المجلس الوطني الانتقالي والديبلوماسيين الغربيين. وتردد أن اشتباكات أخرى وقعت في باب قصير بن غشير والهضبة الخضراء وتم بث شريط فيديو لإحداها على شبكة الانترنت. وقال أحد مقاتلي المجلس الانتقالي ويدعى حمد (40 عاماً) اثناء وجوده السبت عند إحدى نقاط التفتيش التي أقيمت في حي بوسليم: «يقوم المقاتلون بتطهير المباني في المنطقة من الموالين للقذافي». وقال إن قوات المجلس وجدت ما يدل على أن الموالين للقذافي كانوا يعدون للاشتباكات، حيث عثرت على أكياس رمل وسترات واقية على اسطح بنايات سكنية. وكان عبدالرزاق العرادي نائب رئيس اللجنة الأمنية في طرابلس صرح بأن مقاتلاً من المجلس الانتقالي وإثنين من الموالين للقذافي قتلوا في المواجهات التي وقعت في حي بوسليم في حين جرح نحو ثلاثين شخصاً. وقال العرادي في مؤتمر صحافي إن نحو 50 من المسلحين المؤيدين للقذافي كانوا وراء أعمال العنف، وقال إن 27 منهم، بينهم أربعة من «المرتزقة الافارقة»، اعتقلوا الجمعة. وأضاف أن أوامر صدرت برفع حال التأهب إلى أقصى درجة، مشيراً إلى أنه يتعين على انصار القذافي تسليم أسلحتهم ومن لا يفعل ذلك منهم سيعتبر إرهابياً. وذكر سكان أن القتال اندلع خلال تظاهرات في بوسليم مؤيدة للقذافي بعد صلاة الجمعة. وجاءت التظاهرات بعد دعوة إلى الانتفاض انطلقت في وقت سابق من الاسبوع من أحد المذيعين الموالين للقذافي في تلفزيون الرأي الذي يبث من سورية. وقال سائق سيارة أجرة في بوسليم مكرراً رأي العديد من السكان: «ينبغي التعامل بحزم مع هؤلاء المؤيدين للقذافي وانهاء المقاومة هنا انهاء تاماً، فبعد أربعين سنة ليس لدينا وقت لنضيعه». وذكرت «رويترز» أنها شاهدت مقاتلين من المجلس الوطني الانتقالي يجرّون رجلاً إلى خارج مبنى سكني في بوسليم. وبينما كان الرجل يُضرب ويركل حاول رجل من المجلس الوطني الانتقالي طعنه مرتين ولكن رجلاً آخر من المجلس منعه من ذلك في المرتين. وقال مقاتلو المجلس إن الرجل كان مسلحاً بقاذفة صواريخ (آر.بي.جي). وواجهت قوات الحكومة الموقتة انتقادات من جماعات حقوقية بسبب سوء معاملته للسجناء. ورأت «رويترز» مسلحين إثنين آخرين على الاقل يتم اقتيادهما في شاحنات صغيرة وهم يُلكمون ويركلون. ويعرف حي بوسليم بالسجن الموجود فيه والذي اكتسب سمعة سيئة حيث كان نظام القذافي يعتقل معارضيه فيه، كما كان آخر منطقة في العاصمة تشهد مقاومة بعد اقتحام قوات المجلس المقر الواسع والمحصن للزعيم الهارب بباب العزيزية في 23 آب (اغسطس). وكان قد تردد أن اشتباكات وقعت في أجزاء أخرى من طرابلس، غير أن خالد شريف، نائب المسؤول العسكري عن طرابلس في المجلس الانتقالي، قال إن الاشتباكات كانت «محدودة» وان قوات المجلس سيطرت عليها سريعاً. وعادت الحياة السبت إلى طبيعتها حيث أعيد افتتاح الطرق التي اغلقت في العاصمة في أعقاب أعمال العنف. ومثّلت تلك الاشتباكات داخل العاصمة انتكاسة للنظام الجديد الذي يأمل بإعلان تحرير البلاد في غضون أيام بعد السيطرة على مسقط رأس القذافي في سرت ومن ثم الاستعداد للانتقال إلى حكومة انتقالية. في غضون ذلك، قال مراسل ل «فرانس برس» إن قوات النظام الليبي الجديد أبقت الضغط على آخر جيبين من جيوب المقاومة في سرت السبت حيث أحاط مئات المقاتلين بحي الدولار والحي رقم 2. وقال فرج الوافي أحد مقاتلي كتيبة شهداء ليبيا الحرة والذي أمضى الليل في المنطقة: «وقعت اشتباكات متفرقة طوال الليل شهدت اطلاق نيران اسلحة خفيفة وقذائف صاروخية». وقرر قادة المجلس الانتقالي بعد اجتماع السبت إرجاء الهجوم الشامل على الحيين في سرت في مسعى للقبض على أقطاب النظام السابق أحياء حيث يعتقدون انهم يتحصنون في الحيين، بحسب ما قال قائد بارز السبت. فقد أوضح وسام بن حميد قائد عمليات الجبهة الشرقية عقب الاجتماع «المقاومة من هذين الحيين شديدة لأننا نعتقد أن هناك أربعة إلى خمسة أشخاص مهمين داخلهما». وتابع: «نحن متأكدون أن (ابن القذافي ومستشار أمنه) المعتصم و(وزير الدفاع المخلوع) أبو بكر يونس جابر في الداخل». وأضاف: «نعتقد أيضاً أن سيف الاسلام القذافي والقذافي نفسه ربما كانا في الداخل، ونريد القبض عليهم جميعاً أحياء لتسليمهم إلى القضاء بدل أن نقتلهم». وتحظى سرت بأهمية خاصة بالنسبة للمجلس الانتقالي إذ صرّح بأنه سيرجئ اعلان تحرير ليبيا وبدء الانتقال إلى حكومة منتخبة إلى أن تسقط المدينة. في تلك الاثناء قال حلف شمال الأطلسي خلال استعراضه الروتيني لعملياته السبت إن طائراته ضربت عربة عسكرية في بني وليد، البلدة الواقعة في الصحراء جنوب شرقي طرابلس والمعقل الآخر الوحيد المتبقي للموالين للقذافي.