حقق الحكم الليبي الجديد اختراقاً مهماً أمس بعدما توغلت قواته داخل مدينة سرت، مسقط رأس العقيد المخلوع معمر القذافي. وجاء دخول ثوار المجلس الوطني الانتقالي الى هذه المدينة الساحلية المهمة بعد نحو شهر من محاصرتها وفشل محاولات عدة لطرد الموالين للقذافي المتحصنين فيها. وإذا ما تمكّن الثوار من تثبيت أقدامهم داخل سرت، فإن ذلك سيعطيهم دفعة معنوية قوية تتمثّل بنجاحهم في طرد أنصار القذافي من ليبيا، كلها باستثناء مدينة واحدة ما زالت على ولائها للنظام القديم وهي بني وليد معقل قبيلة الورفلة جنوب شرقي طرابلس. وسيطر الثوار في الأيام الماضية على معاقل القذافي المتبقية في الجنوب الليبي بما فيها مدينة سبها. وتزامن هذا التطور الميداني مع تأكيد رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبدالجليل في مؤتمر صحافي في بنغازي أن الحكومة الليبية الجديدة «ستعلن خلال أسبوع»، مع إقراره بأن تشكيلتها تأخرت نتيجة «اختلافات» في صفوف الثوار. كما أكد معلومات عن عثور الثوار على أسلحة يبدو أنها «محرمة دولياً» في مخازن تابعة لقوات القذافي قرب سبها وودان، معلناً أنه سيتم إبلاغ هيئات دولية للتحقق منها. وكان عبدالجليل يشير إلى مخازن عثر عليها الثوار بعد دخولهم سبها ووجدوا فيها براميل تحوي يورانيوم مركّز (الكعكة الصفراء)، وهو أمر أكدته أول من أمس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكدت أن حكم القذافي كان قد ابلغها بوجود اليورانيوم المخزّن في الصحراء جنوب ليبيا. وتخلت ليبيا عام 2003 عن برنامجها السري لصنع أسلحة نووية وسلّمت مواد محظورة لإتلافها بإشراف وكالة الطاقة الذرية. وظهرت أمس بوادر أزمة جديدة بين المجلس الانتقالي والحكومة الجزائرية التي بدا أنها «أُحرجت» أمام الحكم الليبي الجديد بعدما بثت قناة «الرأي» التلفزيونية (مقرها سورية) تسجيلاً صوتياً منسوباً لكريمة القذافي، عائشة، هاجمت فيه بعنف الثوار واتهمتهم بأنهم «خونة»، معلنة أن والدها بخير ويقود المعارك ضد الحكام الجدد في طرابلس. وليس واضحاً ماذا سيكون الرد الجزائري على خروج عائشة القذافي عن الشروط التي تردد أنها وُضعت عليها لقبول استضافتها وعائلتها على الأراضي الجزائرية، علماً أن الجزائر كانت قد أعلنت للتو اعترافها بالمجلس الانتقالي ممثلاً للحكم في ليبيا. وقال تلفزيون ليبيا التابع للمجلس الانتقالي إن الجزائر ما كان يجب أن تسمح لعائشة القذافي بالإدلاء بأحاديث سياسية. وبالنسبة إلى معارك سرت، أفيد مساء أمس بأن ثوار المجلس الانتقالي كانوا ما يزالون يواجهون نيران قناصة وقذائف صاروخية يُطلقها عليهم مناصرون للقذافي تحصنوا في بعض المساجد والأبنية السكنية. وعُلم أن الاختراق المهم للثوار تحقق من الجبهة الغربية التي يتقدم منها ثوار مصراتة الذين صاروا الآن في قلب سرت، بينما حقق الثوار المتقدمون من الجبهة الشرقية تقدماً كبيراً أيضاً لكنهم لم يصلوا بعد إلى وسط المدينة. وتقدم الثوار منذ الصباح على وقع تحليق كثيف للطائرات الحربية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) التي شنت غارات على مواقع كتائب القذافي خلال نهار أمس وأول من أمس. وشوهدت سُحب الدخان تنبعث من داخل سرت إثر قصف طائرات «الناتو». وأعلن الاطلسي في بيان في بروكسيل نقلته «فرانس برس» ان «خلال الساعات ال 24 الأخيرة ضرب طيران الحلف الأطلسي مجموعة من الاهداف التي تستخدمها قوات القذافي لتهديد سكان سرت المدنيين». وتابع أن «من بين المعلومات الواردة من سرت هناك اعدامات واحتجاز رهائن واستهداف اشخاص وعائلات ومجموعات داخل المدينة بشكل متعمد». ورأى الحلف أن «الطبيعة الوحشية لأعمالهم هي دليل على نظام يعيش آخر أيامه». في غضون ذلك، وقع انفجار ضخم في مستودع للذخائر في قاعدة أبو ستة البحرية في طرابلس، من دون أن ترد تقارير عن وقوع إصابات في صفوف الثوار الذين يتمركزون فيها. وقالت مصادر الثوار ان انفجاراً «عرضياً» تسبب في انفجار المستودع كله. وشوهدت سحابة ضخمة سوداء فوق الموقع القريب من ميناء طرابلس.