قل لي ممن تضحك أقول لك من أنت. لكننا لا نضحك، فهل نحن لا شيء؟! نحن ونحن ونحن. نحن العرب. نحن العرب لا حاجة بنا إلى الأسلحة وإلى التخطيط العسكري واللوجستي، مادمنا مغيّبين إلى هذا الحد ومسلوبي الإرادة إلى هذا الحد، وملهيين في ما يُبعدنا عن ذواتنا وعن كياناتنا وعن وجودنا الفعلي، ومادمنا غير قادرين على تشخيص داء هذا التشرذم العربي والتقهقر والفوضى، وبالتالي عاجزين عن وصف الدواء. ليس أمامنا سوى الضحك. أقله لنفهم أنفسنا، الضحك المتواصل، ففيه جميع الحلول الناجعة لكل مشكلاتنا اليومية والشهرية والسنوية والأبدية... ولا استعصاء بعد اليوم في أية مشكلة. أؤكد لك ذلك. ألا تسمع كيف يضحك الغرب منا وعلينا يومياً وفي النهاية ينتصر علينا وهو يضحك؟ ألم نجعل من أنفسنا مادة فكاهية للعالم يتندّر بها ويضحك ويقهقه؟ إذاً لماذا لا نضحك على أنفسنا، علّنا بضحكنا نداوي جراحنا؟ لكن، لا! حتى نعمة الضحك نحرم أنفسنا منها، فإذا ما غلط أحدنا وضحك، خوّفناه وأرعبناه وأرهبناه من عواقبها، وهي الخفة والندامة وقلة الهيبة ونخاف عواقبه أيضاً وهو خير لنا. يعني بالمختصر فوق الغم غم، وفوق الهم هم، وفوق هذا كله فإنهم يضحكون علينا، وكأنّ واجبنا في الحياة أن نُميت أعداءنا ضحكاً! بعملية حسابية بسيطة لا تحتاج إلى حاسبات وكومبيوترات وروبوتات، نحن نخطط لإضحاكهم، لأنّ ما يجري على الساحة العربية ليس أكثر جدِّية من ذلك، لأننا ببساطة لا نركِّز على أمورنا ولا نفكّر فيها بجدّية، بل نعيش على هامش الأحداث ومع هذا ترانا نتابع الأخبار، لندمع ونبكي ونتعاطف ونثور ونحن في مقاعدنا. نلاحق الاستبداد والطغيان أينما كان، ونُزيله ونُزيل آثاره القريبة والبعيدة مباشرة من على مقاعدنا، بل تنفتح أمامنا آفاق جديدة لتحرير العالم من الظلم والعبودية ونيل الاستقلال وإحلال الحق وتطبيق الديموقراطية من على مقاعدنا. ما هذا العالم العربي الشاكي الباكي الذي يجعل العالم يضحك عليه؟ وعلاوة على ذلك هو لا يضحك ولا يعرف معنى الضحك أو الابتسامة. وهكذا في حال استحالة الضحك، وبالاستناد إلى مآسينا وبلاوينا وأزماتنا الشخصية والعائلية والعامّة، على جميع الأصعدة والمجالات، واستفحال كل ما يعكِّر صفونا وهدوءنا واطمئناننا، من أخبار وأنباء ترِد من هنا وهناك، فإن مرايانا هي البديل!! سواء أكانت مرايا الجسد أم مرايا للروح والنفس!! كل ما علينا أن نقف أمام المرآة لنضحك، لنضحك على غلبنا وعلى همنا وعلى قهرنا وعلى اشكالنا وعلى أفعالنا. لنضحك لعلَّ الضحك يُصحّينا ويُداوينا. لنضحك، ما أضيع تلك الأيام التي لا نضحك فيها، ونحن كل أيامنا ضائعة ونحن هو الضياع. لنضحك، لعلّنا نجد في الضحك أنفسنا، لنضحك ولنبدأ منذ الآن وصلة ضحك إلى أن تنتهي الأزمات أو ننتهي أو ينتهي العالم! خلف الزاوية أنا لن أجيئك بعد قليل وقد أتأخر وقتاً طويل قتلت بسحر لقائك حقّاً فكيف يجيء ويمضي القتيل؟ [email protected]