نحن لا نَضحك، لكن نُضحك الناس علينا، خصوصاً أعداءنا. نحب ان نميتهم ضحكاً! أليس من دواعي الضحك للأعداء هذا الكم الهائل من الارهاب والاعمال الانتحارية والتفجيرات التي يقتل فيها المسلم الاخ والجار وابناء الحي الواحد؟ لا حاجة للاعداء الحقيقيين والوهميين بعد اليوم لا الى اسلحة ولا الى التخطيط العسكري واللوجستي، ما دام الاخوة العرب يقتلون بعضهم بعضاً، وما دمنا مغيبين الى هذا الحد عن ذواتنا وعن وجودنا الفعلي، وما دمنا غير قادرين على تشخيص اداء التشرذم والتقهقر والفوضى، وبالتالي عاجزين عن وصف الدواء. ليس امامهم الا الضحك، والضحك المتواصل، وما لنا سوى الوجوم والتجهم والجهامة التي اتسعت دوائره وتجاعيده على وجوهنا وبين حواجبنا، فكل واحد عاقد الحاجبين وحدوده خريطة الطريق. لقد استحال الضحك بالاستناد الى مآسينا وبلاوينا وأزماتنا الشخصية والعامة، وعلى جميع الأصعدة والمجالات، لدرجة ان الواحد فينا يشعر بالاثم والخوف حين يضحك او يفرح او يغلط ويبتسم. لا تضحكوا ان عرفتم ان اكثر ضحكنا يرتكز على تحقير انسان لإنسان آخر او سخرية واستهزاء منه، ولا تضحكوا ان عرفتم اننا نضحك حينما يكذب احدهم ويخلّص نفسه من ورطة، ولا تضحكوا ان عرفتم اننا نضحك عند تقليد شخص يتهكم على اشخاص ولو كان في هذا ابتذال. بكلمة اخرى حتى عندما نغلط ونضحك، نضحك غلط، ومرحباً! لنضحك غلطاً، لأننا نغلط في كل شيء الا في الضحك. نحن نتخذ موقف النفور من المرح والفرح والسرور، لدرجة ان البعض قد تكونت لديه قناعة ان الدَّين يحرم على المسلم المزاح والابتسامة ويريده صارماً واجماً في كل اموره. علماً ان الضحك من خصائص الانسان من دون شتى الكائنات الحية. فحتى الآن لم نسمع سمكة تضحك ولا خروفاً يقهقه، فالحيوانات لا تضحك، لأن الضحك يأتي بعد فهم ومعرفة للذي سمعته، ولكن الظاهر انك كل الذي تسمعه هذه الايام لا يبعث على الضحك. أوَ لا تظن ان اندلاع حرب اهلية في اسرائيل موضوع يفرحك؟ أو لا تظن ان يفجر انتحاري اجنبي نفسه في بلد لا تحبه انت ويقتل جماعته وناسه أمراً مضحكاً؟ ناس تقتل بعضها لحساب نصرك عليهم، فمتى ستحدث هذه التوعية التي ستصحينا وتجعل إدراكنا افضل للتفكير الايجابي البناء لا الى الهدم والردم والكآبة؟ كل شيء في هذه الحياة يبدأ من فكرة تضعها في رأسك ثم تكونها ثم تأتي تصرفاتك مرتكزة عليها، فاذا كانت افكارك حلوة وبناءة ستجد ان الحياة قبل ان تبتسم لها قد ابتسمت لك، وستجد نفسك مازحاً ضاحكاً مرحاً، لا عبوساً مثل حالك اليوم لا تضحك حتى للرغيف الساخن، أي للنعمة! سترى نفسك ساكناً بدلاً من ان تعيش على المهدئات والمسكنات والمنغصات والمنعطفات والمنخفضات والمرتفعات. اصبح الواحد منا يوصف بالغلظة والتجهم وأحياناً بالارهاب. نعم فإن الاب الذي لا يضحك في وجه زوجته واولاده هو أب ارهابي وزوج ارهابي ايضاً، أتمنى لو يضاف إلى لائحة المطلوبين مثله مثل الموظف الذي لا يبتسم في وجه زميله والمعلمة في وجه تلميذاتها. انظروا في وجوه بعضكم، في المجمعات التجارية لو مشيتم في الشارع وراء مقودكم حتى في الملاهي حيث لعبكم ولهوكم متجهمين، لماذا؟ أسألكم لماذا هذه الجهامة؟ هل هي من سمات الفكر المتشدد او القلب الغليظ او الجمود الفكري؟ لأنك لن تقوى ان تكون مبتسماً ومرحاً اذا كنت متشدداً وجامداً. ديننا الاسلامي هو دين الفطرة والتسامح والوسطية، وهو يحث المسلم على ان يكون شخصية معتدلة متفائلة هنية، ويرفض الغاضب المكتئب. يكفي هذا لأن نبتسم! في حال لم تبتسموا وقد يبتسم الليث والضبع ولن تبتسموا! وفي حالة استحالة الضحك لاستحالة تغيير سوداويتنا، التي ظلت تعكر صفونا وهدوءنا وطمأنينتنا بسبب اخبار ترد من هنا وهناك، فان مرايانا هي البديل! سواء أكانت مرايا للجسد ام مرايا للروح والنفس! أنظر في المرآة، لننظر كلنا في مرايانا، ولنبدأ منذ الآن وصلة ضحك الى ان تنتهي الازمات او ننتهي او ينتهي العالم! صرنا نُضحك! خلف الزاوية أما رآني على الأطلال باكية خوف ألم به وارتاب وارتبكا ولست أذكر أن في الصمت عانقني ولكنني أذكر اللحظات حين بكى [email protected].+