النجم الجماهيري الشهير يبقى في دائرة الضوء في كل زمان ومكان، ان أبدع وتألق نال عبارات الثناء والإطراء والإعجاب، وإن تراجع مستواه الفني وأداؤه الكروي دخل في دوامة المنتدقين وساحة المشككين الذين يتحيّنون مثل هذه الفرص الثمينة للتقليل من موهبته والنيل من شهرته والقدح في مسيرته الكروية ومشواره الرياضي، يدفعهم لذلك انتماءاتهم لأنديتهم وميولهم التي تخالف ميول النجم الكبير في النادي المنافس. وعاش هداف الهلال والمنتخب السعودي وأفضل لاعب في قارة آسيا 2007 ياسر القحطاني القصة ذاتها في الأيام الماضية، وتعرض لسلسلة من الانتقادات اللاذعة والهجوم الاعلامي والجماهيري غير المبرر، بسبب غيابه عن التهديف في بعض لقاءات الهلال في دوري المحترفين السعودي، إذ لم يحرز الا هدفاً رأسياً واحداً في شباك أبها في المواجهة الكروية التي انتهت هلالية بثلاثية، وغاب عن التهديف وهز الشباك في المواجهات التي تلتها أمام نجران والوطني والأهلي، ليجد اللاعب نفسه محاصراً وسط جملة من الانتقادات الحادة والاتهامات الجارحة التي طاولته من كل حدب وصوب من بعض الكتاب الهلاليين وغيرهم من الأندية الأخرى لتفسير أسباب تراجع حسه التهديفي، فتارة يؤكدون أن الزواج هو العامل الرئيس في فقدان القحطاني للكثير من موهبته الفنية وخطورته الأدائية، وتارة يصفون زيادة الوزن بأنها من أفقدت القناص أسهمه الهجومية، وتارة أخرى يلمحون إلى أن هذه هي امكانات اللاعب الحقيقية، ليبحث الفتى الهلالي الموهوب عن أفضل فرصة وأقرب لقاء للرد على فينة التشكيك والاتهامات المتوالية، وشاءت الأقدار بأن تكون مواجهة المنافس التقليدي الجار فريق النصر في دربي العاصمة هي موعد اللقاء في ذلك المساء. ولأن الكبار لا يظهرون إلا في النزالات الكروية الكبيرة، فقد اختار ابن القحطاني أفضل المواقيت وحدد أنسب المواعيد أمام"العالمي"في استاد الدرة، ووسط حضور جماهير الفريقين الكبيرة والغفيرة، أبدع وتألق وسطع في سماء اللقاء وتوهج، نثر فنونه الكروية ورسم أجمل لوحاته الفنية وسطّر أروع مستوياته الابداعية، وأحرز هدف فريقه الأول من كرة رأسية قوية أرعبت الحارس النصراوي محمد الخوجلي حتى عانقت شباكه، وجهز تمريرة الهدف الثاني لزميله أحمد الفريدي من لمسة فنية ولمحة مهارية على طريقة كبار اللاعبين، وتحرك في أرجاء الملعب وزرع الخوف والرعب والقلق في نفوس النصراويين، وكاد يسجل المزيد من الأهداف لو وفق في بعض الكرات ومنها الباك وورد التي مرت بجوار القائم النصراوي، ليقرر أخيراً المدرب الهلالي الروماني كوزمين أولاريو اخراجه من اللقاء وسحبه في الدقائق الأخيرة الى دكة البدلاء بعدما أنهى مهمته بنجاح تام وحسم النتيجة لمصلحة"الزعيم"، وجبر بخواطر الهلاليين الذين عاتبوه عتب المحب، ورد على المنتقدين والمشككين الذين حاولوا الاصطياد في الماء العكر، بروعة الأداء وجمالية العطاء ونجومية اللقاء وقيادته الموج الأزرق لحصد النقاط الثلاث. ويندرج الهداف البارع والمهاجم اللامع ياسر القحطاني 25 عاماً من أسرة جنوبية موطنها بلاد قحطان في منطقة عسير، لكنه عاش مع عائلته في المنطقة الشرقية لظروف والده العملية، وبدأ مسيرته الكروية من نادي القادسية، وانضم للمنتخبات الوطنية السنية، وتدرج معها حتى وصل الى المنتخب السعودي الأول، وأسهم في حصوله على بطولات وانجازات عدة في مقدمها كأس العرب وكأس الخليج، كما كانت له بصمة رائعة في تأهل المنتخب السعودي الى كأس العالم الأخيرة في ألمانيا 2006 وسجل هدفاً لا ينسى في المونديال العالمي في اللقاء الافتتاحي امام تونس، وحصل على لقب أفضل لاعب في قارة آسيا في النسخة الأخيرة 2007، ويصنف في قائمة الانتقالات المحلية بالصفقة الأعلى والأكبر في الملاعب السعودية، بعد انتقاله من القادسية الى الهلال ب23 مليون ريال قبل نحو ثلاثة أعوام من الآن.