تحولت أنظار العالم تجاه المملكة العربية السعودية، لتشهد انتقال الحكم في هذا البلد الآمن، الذي تهفو إليه أفئدة الناس من كل مكان، لما حباه الله - سبحانه وتعالى- من نعمة وجود الحرمين الشريفين في أرضه وما رزق أهلها من الثمرات. وكان المشهد جليلاً حضارياً راقياً، عند وداع المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، الذي شاركت فيه طوائف الشعب السعودي مع الأسرة المالكة وملوك ورؤساء الدول الصديقة والمحبة، ثم عند البيعة الصادقة من الشعب السعودي للملك عبدالله بن عبدالعزيز ليتولى سدة الحكم بعد وفاة الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبنائه من بعده. ان السبب الأساس لهذا الانتقال المنظم للسلطة هو تمسك الشعب السعودي حكاماً ومحكومين بكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتطبيق الشريعة السمحاء. فالسعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، ودينها الإسلام، ودستورها كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومنذ تأسيس السعودية وهي تتمسك بدستورها العظيم، ويحفظه الله - سبحانه وتعالى - إلى ان يرث - تباركت أسماؤه - الأرض ومن عليها. ويستمد الحكم في السعودية سلطته من كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله، وهما الحاكمان على نظام الحكم وجميع أنظمة الدولة. وما دام الدستور إلهياً فانه لم يفرط في صغيرة ولا كبيرة، فقد كان مصدراً لسلطة الحكم ومصدراً للنظم القانونية على تنوعها. لقد قال مؤسس هذه الدولة الملك عبدالعزيز عندما أعلن منهج الدولة وترتيباتها الإدارية في 16 صفر 1425ه:"إنكم لتعلمون أن أساس نظامنا وأحكامنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم أحرار في سن كل نظام، وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لمصلحة البلاد على شرط ألا يكون مخالفاً للشريعة الإسلامية، نحن نريد السير إلى الأمام بأقدام ثابتة وعلى ضوء النهار، ويجب ان يكون وفق ما كان عليه نبينا - عليه الصلاة والسلام - وما كان عليه السلف الصالح، فما كان موافقاً للدين في أمور الدنيا سرنا عليه وما كان مخالفاً نبذناه". يقوم الحكم في السعودية على اساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية الغراء المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله، تضع أساساً للحكم هو من العدل والشورى والمساواة. ولما كان دستور السعودية هو كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومصدر سلطة الحكم والنظام الشريعة الإسلامية، فإنها اعتبرت أول وأهم واجباتها هي ان تحيي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق شريعة الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله. نظام الحكم في السعودية ملكي، ويكون الحاكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. يختار الملك ولي العهد، ويعفيه بأمر ملكي. يكون ولي العهد متفرغاً لولاية العهد، وما يكلفه به الملك من أعمال. يتولي ولي العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة. بمنة من الله - عز وجل - وبحكمة من مؤسس هذه البلاد - طيب الله ثراه - وخلفه من بعده وبفضل الرضا العام المتوافق والانسجام والتلاحم بين أبناء الشعب السعودي، أصبح نظام الحكم في السعودية نظاماً متميزاً، يقوم على أسس وثوابت راسخة من الكتاب الشريف والسنة المطهرة والشريعة السمحاء، وبعد هذا النظام جميع الأنظمة التي ما هي إلا تعبير نظامي وتنظيمي لهذه الأسس والثوابت. ورسخ النظام الملكي، وثبتت أركانه بفضل الله منذ تأسيس المملكة، وانتقل الحكم من الملك المؤسس بوفاته - طيب الله ثراه - إلى أبنائه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - الذين أخلصوا لله ولدينهم ولوطنهم ولرعيتهم، وكان انتقال الحكم في كل مرة تطبيقاً نموذجياً يحتذى، في تعاضد وتكاتف أبناء الملك المؤسس وتلاحمهم مع الشعب السعودي المحب المخلص لقيادتهم الرشيدة للبلاد والعباد وتحقيق الأمن والاستقرار. وشاء الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ابان حكمه إلى أمر ملكي بإصدار النظام الأساس للحكم برقم أ-90 وتاريخ 27-8-1412ه يوضح فيه ما رسخ وتأصل عن النظام الملكي في المملكة العربية السعودية ومبادئه العامة ونظامه ومقوماته وحقوق وواجبات الدولة والمواطنين وسلطات الدولة، كما استصدر نظام مجلس الشورى برقم أ-91 وتاريخ 27-8-1412ه ونظام المناطق برقم أ-92 وتاريخ 27-8-1412ه، وهي أنظمة تترجم ثوابت المملكة، وتتبع أحكام الشريعة الغراء. وها هو انتقال الحكم السلس الهادئ المنظم النموذجي إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليكون ملكاً للبلاد وفق نظام واضح ومبايعة صادقة من أفراد الأسرة المالكة، وبيعة مخلصة من أفراد الشعب جميعاً على السمع والطاعة. يبايع المواطنون الملك على كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره. ومبايعة المواطنين للملك تمثل حباً وإعزازاً واحتراماً وإيماناً صادقاً بما أمر به الله - سبحانه وتعالى - في كتابه المحكم الكريم بقوله:"يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا"الآية 59 سورة النساء. فالمواطنون هم الأسرة الكبيرة التي تكون المجتمع السعودي، والتي تربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر واحترام النظام وتنفيذه وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد. فإذا تمسك أفراد الأسرة بالعقيدة الإسلامية وما تقتضيه فقد آمنوا بالله وأمنوا في وطنهم. يقوم الملك بسياسة الأمة سياسة شرعية، طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العامة للدولة وحماية البلاد والدفاع عنها. وإذا كانت هذه سياسة الأمة وقام بها الملك وعاونه من ولاهم أمر الوطن وساعده الشعب على هذه السياسة، نعمت الدولة بالاستقرار والوطن بالأمن والشعب بالرخاء. مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، سر على بركة الله متبعاً هداه، ورعاياك الشعب السعودي العظيم معك وخلفك، لك منه السمع والطاعة في العسر واليسر، والله ينصر من نصره، وهو نعم المولى ونعم النصير. * محام سعودي.