واصلت جمعية"يوم القدس للتراث"احتفالاتها بيوم القدس تحت شعار"شمسُنا لن تغيب"، عبر أمسية أقامتها في فندق"لاند مارك"في عمّان ليل السبت الأحد، أحيتها الفنانة نتالي سمعان وفرقة القدس للتراث الشعبي، وتضمنت لوحات راقصة وأغانيَ مستقاة من الموروث. افتُتحت الأمسية بدخول راقصين من باب القاعة مروراً بمقاعد الجمهور باتجاه المنصّة، ليشكلوا صفاً ضمّ 11 شاباً وفتاة، ضبطتْ أنغامُ العزف على آلة الشبّابة حركتَهم الإيقاعية. وقُدمت أنواع مختلفة من الدبكات المستوحاة من جماليات الفنون الشعبية الفلسطينية"في منظورات بصرية أنشأتها النقوش والخطوط على أثواب الراقصات المطرزة بالحرير، وأغطية رؤوسهن المتباينة الألوان، بينما اكتفى الراقصون باللونين الأبيض والأسود لخطوط القنباز والسروال والكوفية، في ما يشكّل"وحدة تشكيلية"، ما استدعى الحنين لدى المشاهد إلى فضاءات القرى والمدن الفلسطينية، وبخاصة القدس التي تجثم تحت الاحتلال. الجمهور الذي جاء جلُّهُ من العائلات المقدسية، تواصلَ مع جماليات العزف الحيّ على أصوات آلة الشبّابة والأورغ الكهربائي والدفّ، والتي شكّلت أنغامها ألحاناً ضبطت الإيقاع الراقص في الدبكات التي لم تخلُ من جماليات الفولكلور. ثم انتقل الجمهور إلى فضاء آخر من التواصل، عبر شدو الفنانة الشابة نتالي سمعان أغاني وطنية وعاطفية، فأظهرَ صوتها موهبةً فطرية وأداءً مدروساً رغم قصر عهدها بالغناء، فاستمالت الجمهور، الذي لم ينقطع تصفيقه تعبيراً عن إعجابه بمهاراتها، سواء في الجرس الصوتي أو في مراوحة حدة الصوت بين مستويات عدة، أو في مدى قوته من حيث الخفوت والارتفاع، أو في المسافة الزمنية بين بداية الصوت ونهايته. برعت نتالي وهي تستعيد أغانيَ وطنية شاعت إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر الثمانينات، من كلمات صالح العسلي وألحانه، وتوزيع عبد الحليم أبو حلتم، مستحضرةً العنفوان الشعبي الذي أحرج سلطات الاحتلال بانتفاضة سلمية مدنية، قبل أن يتجه إلى عمليات استشهادية ضد جنود الاحتلال في مدن الساحل الفلسطيني، ما أفزع المهاجرين اليهود، وأدى إلى عودة عدد منهم إلى البلاد التي جاؤوا منها، وهو ما ألهم محمود درويش لكتابة قصيدته الشهيرة"عابرون في كلام عابر". وبدت أحاسيس الجمهور مشدودة لصوت نتالي المفعم بالشجن والغضب، خصوصاً وهي تؤدي أغنية"ثورة من نور". وواصلت الفنانة الغناء بتقديم"ليلية بترجع يا ليل"لفيروز، و"عيون القلب"لنجاة الصغيرة، و"للصبر حدود"لأم كلثوم، قبل أن تنهي أمسيتها بأداء مشترك مع الجمهور الذي أنشد معها"موطني"لإبراهيم طوقان. نتالي سمعان طالبة في السنة الجامعية الأولى تدرس الهندسة الصناعية، وهي تتلقى دروساً في المعهد الوطني للموسيقى، وتشارك في حفلات فرقة عمّان للموسيقى العربية وأوركسترا عمّان السيمفونية. وقالت المسؤولة الإدارية لفرقة القدس للتراث الشعبي الفلسطيني، ميسون درويش سجدي، ل"الحياة"إن فرقتها تهدف إلى"المحافظة على التراث المهدد بالسرقة من عدونا، وإيصاله للأجيال الشابة التي لم تعش في فلسطين، عبر الموسيقى والدبكة والأزياء الخاصة بالرجل والمرأة". وحول المبرر من وجود الفرقة في ظل كثرة الفرق الشبيهة، أوضحت سجدي:"طموحنا ليس له حدود من أجل المحافظة على التراث، وترسيخه سمعياً وبصرياً في الوجدان، وبما يتناسب مع روح العصر". أما سكرتير جمعية"يوم القدس للتراث"قصي شاهين، فتحدث عن نشاط الجمعية"الهادف إلى تعميق الوعي لدى أبناء أمتنا بتاريخ القدس وأكنافها منذ فجر التاريخ، وتبيان الأخطار التي تتعرض لها جراء الاحتلال الصهيوني الاستعماري ومحاولات طمس هويتها العربية والإسلامية وتهويدها بالكامل، والحض على تحفيز الأمة العربية والشعوب الإسلامية على دعمها وإنقاذها من هذا المصير المهين".