اختُتمت الحملة الانتخابية الإيرانية أمس، وثمة ترقب في طهران والعالم لنتائج الاقتراع المقرر غداً، والذي قد يعيد الإصلاحيين إلى الرئاسة، إذا انتُخب المرشح مير حسين موسوي الذي يُعتبر المنافس الأبرز للرئيس المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد. وتشهد الحملة الانتخابية سخونة لم تعهدها منذ سنوات، وتبادلاً لاتهامات ولتعابير قاسية، عكست استقطاباً حاداً بين الإصلاحيين والمحافظين من جهة، وبين التيار المحافظ ذاته، إذ يخوض المرشح"المبدئي"محسن رضائي حملة شرسة ضد احمدي نجاد، تكاد تتعدى تلك التي يقودها موسوي وكروبي ضد الرئيس المنتهية ولايته. قد يفيق الإيرانيون والعالم على واقع جديد في طهران، بعد غد السبت، يذكّرهم بحقبة الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، لكن احمدي نجاد لا يزال واثقاً من أن خصومه الثلاثة لن يشكلوا عقبة أمام فوزه بولاية ثانية. مع احتدام حملة الانتخابات الرئاسية في ايران، تزداد العلاقة سوءاً بين ركنين من اركان النظام، هما الرئيس المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد والرئيس السابق هاشمي رفسنجاني الذي تتهمه اوساط نجاد بدعم الحملة الانتخابية لمنافسه مير حسين موسوي، في شكل مكّن الأخير من التمتع بحضور قوي في الشارع، عبر المهرجانات الصاخبة التي تُنظم دعماً له عشية الاقتراع المقرر غداً الجمعة. وتسري في اوساط نجاد تكهنات بأن مقربين من رفسنجاني تكفلوا تمويل جزء كبير من حملة منافسه، من المساهمة في كلفة طباعة صور له او اعلانات انتخابية، وصولاً الى توفير اغراض لانصار موسوي يلوحون بها خلال مهرجاناتهم، مثل قضبان مضيئة باللون الاخضر وهو شعار حملته، او شارات خضراء تعلق على الاذرع. ويواجه انصار نجاد حملة شديدة التنظيم لمنافسه، خصوصاً في العاصمة التي يتدفق آلاف من انصار موسوي الى شوارعها، في سيارات او دراجات نارية او سيراً على الاقدام، ليشاركوا في مسيرات تجوب انحاء العاصمة، وتترافق مع اطلاق السيارات العنان لأبواقها. ولا يتردد انصار موسوي في الاحتكاك بجرأة وعصبية، مع انصار نجاد، من دون ان يصل الامر الى حدود الصدام، لكن الانتقادات التي يوجهها انصار موسوي للرئيس المنتهية ولايته، تكاد تكون قاسية احياناً، حتى ان بعضهم حمل يافطات كُتبت عليها عبارة"الكذب ممنوع"، ملمحين بذلك الى اتهامات وجهها نجاد الى رفسنجاني بالاستفادة مادياً من موقعه في النظام، ما دفع الرئيس السابق الى توجيه رسالة شكوى الى مرشد الجمهورية علي خامنئي. وعلى رغم هذا التوتر، تظل السخونة في الشارع"مضبوطة"على ايقاع لا يهدد امن المواطنين وسلامتهم، من خلال حضور نسبي لرجال الامن الذين يراقبون المسيرات عن بعد ويسارعون الى تحويل اتجاه السيارات لتفادي اختناقات مرورية. في المقابل، قليلة هي السيارات التي تمر حاملة ملصقات عليها صور المنافس الإصلاحي الآخر لنجاد وهو الرئيس السابق لمجلس الشورى البرلمان مهدي كروبي الذي استحدثت حملته ملصقات جديدة تحمل صورته والى جانبها عبارة"التغيير"بالانكليزية، ربما تماهياً مع شعار الرئيس الاميركي باراك اوباما. واعلنت بلدية طهران امس، ان 500 صحافي توافدوا من انحاء العالم لتغطية الاستحقاق الانتخابي التاريخي. واكد مراسلون اجانب زاروا ايران من قبل، ان الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي لم يحظَ عشية انتخابه بمظاهر التأييد المتوفرة لموسوي، بما يحمل ذلك من دلالات مهمة. وظهر موسوي على التلفزيون الرسمي الذي استضافه على مدى ساعة ليل الثلثاء - الاربعاء، شرح خلالها برنامجه لإنعاش الاقتصاد والانفتاح على الخارج. واختتمت القنوات التلفزيونية امس استضافتها للمرشحين، بمقابلة أخيرة مع الرئيس الايراني، رد فيها على انتقادات و"مزاعم"طاولته في غيابه و"تلاعب خصومه بالرسوم البيانية"، خلال مناظرة بين كروبي والمرشح الرابع للرئاسة محسن رضائي الذي يبدو حضور انصاره معدوماً في العاصمة. وقابلت اوساط رفسنجاني باستغراب اتاحة الفرصة لنجاد للظهور على التلفزيون والرد على تلك الانتقادات، في حين لم يكن ذلك متاحاً للرئيس السابق. واثارت تلك التجاذبات بين نجاد ورفسنجاني، تساؤلات عن مستقبل العلاقة بينهما، في وقت ينتظر البعض تدخلاً من المرشد يؤدي الى تهدئة الخواطر. رسالة رفسنجاني وفي رسالته الى المرشد، طالب رفسنجاني الذي يرأس مجلس خبراء القيادة في إيران، بضمان انتخابات رئاسية نزيهة، متهماً نجاد بارتكاب مخالفات. وقال مخاطباً خامنئي:"من الضروري ان تتحقق الرغبة الحق لسماحتكم والشعب في إجراء انتخابات نزيهة وعظيمة وواسعة، الأمر الذي من شأنه إنقاذ البلاد من الخطر، ويؤدي الى تعزيز الوحدة الوطنية والثقة الشعبية، ويمنع مثيري الفتن من تحريف خطاباتكم حسب أهوائهم، ومن سكب الزيت على النار، متجاهلين القانون". وأضاف ان الرئيس الإيراني يطلق تصريحات"مجانبة للحقيقة". وأشار الى انه قدم طلباً الى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون للرد على اتهامات بالفساد وجهها اليه نجاد في مناظرته مع موسوي، لكن المؤسسة أجلت البت في طلبه"الى ما بعد الانتخابات". واعتبر الرئيس الإيراني السابق ان اتهامات نجاد تستهدف"التغطية على التقارير الموثقة والمكررة لديوان المحاسبة، عن فقدان بليون دولار وارتكاب آلاف المخالفات في صرف الموازنة"من قبل الحكومة الحالية. لكن ما اثار قلقاً في الرسالة، هو تلميح رفسنجاني الى ان انصار المرشحين المنافسين لنجاد يمكن ان يردوا عليه بأنفسهم. وقال مخاطباً خامنئي:"اذا واصلت التسامح في هذا الموقف، فلا شك في ان بعض الناس والاطراف والفصائل لن تتسامح". نشر في العدد: 16869 ت.م: 11-06-2009 ص: 13 ط: الرياض