البحث عن الجديد، وإيجاد جمهور مختلف، هاجس يسيطر على القائمين على صناعة الأعمال الفنية السينمائية أو التلفزيونية، لا سيما منها المصرية، في ظل ارتفاع عدد الأفلام التي تنتج سنويا واشتداد المنافسة، وكذلك انتشار القنوات الفضائية التي كان لها تأثير شديد على ارتفاع نسبة الأعمال الدرامية المعروضة. وتعتبر أعمال الرعب واحدة من أهم تلك النوعيات الجديدة التي تتطرق إليها الأعمال السينمائية المصرية، وكانت أولى تلك التجارب التي لم تكتمل في هذا المجال فيلم"عربي تعريفة"للفنان الراحل علاء ولي الدين الذي كان صرح لوسائل الإعلام بأن فيلمه المقبل"كوميدي رعب"ولكن القدر لم يمهله مزيداً من الوقت لاستكمال الفيلم. وبعد تلك التجربة التي لم تكتمل نشهد حالياً بين الحين والآخر الإعلان عن إنتاج أو تصوير فيلم تدور أحداثه في إطار من الرعب والتشويق، ليصل عدد أفلام الرعب التي تعرض أو تجهز حالياً إلى حوالى خمسة أفلام سينمائية، على رغم أن تاريخ السينما العربية لم يشهد من هذا النوع سوى عدد قليل جداً يكاد لا يذكر، وذلك على مدار أكثر من 100 عام، ومنها فيلم"الإنس والجن"لعادل إمام ويسرا و"التعويذة"لمحمود يس ويسرا، و"بصمات فوق الماء"بطولة فاروق الفيشاوي، وميرفت أمين، ومن إخراج يس إسماعيل يس، وكذلك فيلم"سفير جهنم"للفنان الراحل يوسف وهبي. وتنتظر دور العرض المصرية حالياً عرض فيلمين تدور أحداثهما في إطار من التشويق والرعب، أولهما مصري بعنوان"كامب"كتب قصته هيثم وحيد، وتقوم ببطولته مجموعة من الوجوه الجديدة منهم أميرة هاني ومحمد الخلعي وأيمن الرفاعي. مخرج الفيلم عبدالعزيز حشاد يقول لپ"الحياة""إن العمل ككل تجربة جديدة منفردة في السينما المصرية، إذ لأول مرة تقوم مجموعة من الشباب ببطولة فيلم رعب وإثارة تدور أحداثه حول مجموعة طلبة وطالبات يقررون بعد انتهاء دراستهم الجامعية الاحتفال على طريقتهم في مكان مهجور يدعي"كامب بيتش"، ويبدأ صعود الهرم التشويقي للفيلم تدريجاً عندما يقوم شاب باغتصاب فتاة من المجموعة نفسها، ثم تقع جريمة أخرى. وتتعقد الأحداث عندما يتأكد أفراد المجموعة أن هناك شخصاً بعينه هو من يقف وراء الحادثتين. ولكن تحدث لذلك الشخص نفسه حادثة ثالثة، ما يزيد الأمر غموضاً. والفيلم يعد التجربة الانتاجية الأولى للصحافي أمير أباظة، الذي أسس شركة انتاج خصيصاً من أجل ذلك العمل. أما الفيلم الآخر فهو سعودي ويحمل عنوان"القرية المنسية"، ويعد ثالث تجربة سعودية في عالم السينما، ويقوم ببطولته محمد هاشم وحامد الغامدي وبراء علاف والمذيعة والإعلامية المصرية شيماء فضل، وبعض الوجوه الشابة من فرنسا وكندا وأميركا، وهو من تأليف طارق الدخيل وإخراج عبدالله أبو طالب. وتدور قصة هذا الفيلم حول مجموعة أصدقاء من جنسيات عربية مختلفة يلتقون بمجموعة من السائحين الأجانب في إحدى المناطق الأثرية ويضطرون للمبيت في قرية مهجورة، ويتعرضون لمشاكل كثيرة وحوادث غامضة. وكان عرض في العام الماضي في دور العرض المصرية فيلم"أحلام حقيقية"للفنان خالد صالح وحنان ترك، وهو يعد أول أعمال الرعب التي وجدت طريقها لدور العرض السينمائية أخيراً، إذ لاقى إقبالاً جماهيرياً متميزاً. وتدور قصته حول زوجة تطاردها الكوابيس أثناء نومها، ولكن هذه الكوابيس تأخذ طريقها إلى أرض الواقع، ما يصيب الزوجة وزوجها وصديقة لها بحال من الارتباك والخوف. الفيلم كتب قصته محمد دياب الذي يقول عنه: تعلمت من دراستي للسينما في الولاياتالمتحدة الأميركية، أن أبحث دائماً عن الجديد، كي أكون متميزاً، خصوصاً أن هذا يعد العمل الروائي الأول لي في السينما"، موضحاً أنه يعلم تماماً"أن الجمهور بحاجة إلى نوعية متميزة ومختلفة من الأفلام والأعمال الفنية، حتى لا نسير دائماً في موجة الكوميديا أو الأكشن، ولا نحصر أنفسنا في نوع معين من الانتاج السينمائي"، مشيراً إلى أنه قرأ الكثير من الكتب التي لها علاقة بموضوع الفيلم، كما شاهد العديد من الأفلام الأميركية قريبة الشبة من فكرة الفيلم الاساسية. الى هذا هناك الآن أكثر من ورشة سينمائية يتم الإعداد لها من أجل كتابة المزيد من قصص الرعب والإثارة لتحويلها إلى سيناريوات سينمائية. ومن المنتظر في الشهور المقبلة أن يكون تم الانتهاء من كتابة عملين على الأقل جاهزين للسينما ولكن لم تضح تفاصيلهما حتى الآن. ويبدو أن الاتجاه لإنتاج أعمال تندرج تحت قائمة"الرعب والإثارة"يعد اتجاهاً طيباً، لأن السينما والتلفزيون يحتاجان دائماً لأشكال فنية وأنواع جديدة، خصوصاً مع إزدياد دوران عجلة الانتاج السينمائي ودخول كيانات انتاجية عملاقة في الانتاج السينمائي وظهور وجوه جديدة كمخرجين أو مؤلفين أو ممثلين. فكل هذا مؤشرات جيدة تدل على أن صناعة السينما تسير في الاتجاه الصحيح. ولكن الخوف يتمثل في أن تنساق تلك الأعمال خلف الثقافة الأميركية ويتأثر مخرجوها بالطابع الأميركي، لتخرج الأعمال بپ"نكهة أميركية"، مع عدم تمصيرها وإصباغ الطابع العربي والثقافة الشرقية عليها. إضافة الى إنه لم يعرض حتى الأن من تلك الأعمال سوى فيلم"أحلام حقيقة"الذي حاول مخرجه أن يسير على غرار أفلام هوليوود، فأتت أحداث الفيلم بعيدة من المنطق والبناء الدرامي السليم، كما إن نهايته جاءت سيئة تماماً، ولم تجعلنا نعيش الحالة نفسها التي تصيبنا عندما نشاهد فيلم رعب أميركياً، إذ تأتي نهاية أفلام هوليوود تحمل في طياتها الإثارة ونخرج من دور السينما ونحن نفكر وهو ما لم يتحقق في"أحلام حقيقة"التجربة الوحيدة التي طلت على أرض الواقع حتى الآن.