أعاد الفوز المفاجئ للمرشحين الديموقراطية السناتور هيلاري كلينتون والجمهوري السيناتور جون ماكين في ولاية نيوهامبشير، ترتيب سباق الانتخابات التمهيدية الأميركية، عبر تعزيز موقع هذين المرشحين المتمرسين سياسياً في مواجهة خطاب"التغيير"الذي قاده المرشحان الفائزان في ولاية أيوا السيناتور الديموقراطي باراك أوباما والجمهوري مايك هاكابي. وبعدما حلت في المرتبة الثالثة في انتخابات أيوا، وأظهرت استطلاعات الرأي في ولاية نيوهامبشير تراجعها عن منافسها الرئيسي أوباما بأكثر من عشر نقاط، انتزعت السيدة الأولى السابقة فوزاً مفاجئاً وتاريخياً في الولاية بعد كلمة"عاطفية"مشحونة أدلت بها قبل يوم على الاقتراع، بددت الانطباع السائد عن برودة شخصيتها، وأسهمت بالتالي في شكل واسع في تبديل آراء الناخبين المستقلين، وهم حوالى 45 في المئة من مجموع الناخبين، ولا سيما النساء وكبار السن منهم. واستفاد ماكين وكلينتون على حد سواء من ارتباطهما الشخصي بالولاية، إذ أن الأول فاز بأصوات المستقلين العام 2000 على الرئيس الحالي جورج بوش، في حين أعاد بيل كلينتون ترشحه العام 1992 الى الواجهة بالفوز بالمرتبة الثانية متغلباً على خسارته في أيوا وفي استطلاعات الرأي في نيوهامبشير، تماماً كزوجته هيلاري. وشرعت كلينتون بمراجعة استراتيجيتها الانتخابية أمس لتبرز نقاط الخلاف والتمايز بينها وبين منافسها السناتور باراك أوباما، ولتحشد الديموقراطيين وراء انتخاب شخصية متمرسة في السياسة الخارجية والأمن القومي، في ضوء صعود السناتور الجمهوري المخضرم جون ماكاين داخل حزبه. ومرة أخرى، افترق ناخبو نيوهامبشير عن"الحكمة السائدة"وصوتوا كما العام 1992 حين انتخبوا الرئيس بيل كلينتون، وفي العام 2000 حين فضلوا ماكاين على الرئيس الحالي جورج بوش، بعكس المد الاعلامي وأرقام الاستطلاعات ليعيدوا بذلك خلط أوراق السباق ولاحياء نبض حملتي كلينتون وماكاين قبل الانطلاق الى الولايات الكبرى والتي ستحسم في أسماء المرشحين عن الحزبين يوم"الثلثاء الكبير"في الخامس من شباط فبراير المقبل. وفيما تعددت القراءات لعودة كلينتون وماكاين، بدا التمرس السياسي ورصيدهما في السياسة الخارجية والأمن القومي عاملين مهمين في الفوز، وخصوصاً في ضوء تحذير كلينتون من افتقاد أوباما للخبرة في هذا الميدان، واستهزاء ماكاين بعبارة منافسه حاكم ماساشوستس ميت رومني بأن الرئيس ليس في حاجة الى خبرة في السياسة الخارجية بل في إمكانه استشارة وزارة الخارجية. ويتفق الفائزان على اتباع سياسة متشددة حيال ايران، وفي الحرب على الارهاب، إذ أيدا قرار مجلس الشيوخ اعتبار الحرس الثوري"منظمة ارهابية"، وهو ما كلف كلينتون كثيراً من الأصوات في القاعدة الليبرالية المناوئة للحرب. أما أوباما فيدعو الى فتح حوار مباشر مع القيادة الايرانية والسورية لانهاء خلافاتها مع واشنطن. وحصرت نتائج نيوهامبشير السباق الديموقراطي بين كلينتون وأوباما، ما أطاح بحملة السناتور جون أدواردز الذي نال 17 في المئة فقط من الأصوات، وأعادت ماكاين الى الجبهة الأمامية لسباق الجمهوريين مرجحة احتمالات فوزه باللقب على عمدة نيويورك السابق رودي جولياني الذي جاء رابعاً أمس والقس اليميني مايك هاكابي الذي تنحصر قاعدته في اليمين المسيحي بين الجمهوريين. وسيكون أمام كلينتون خوض معارك حاسمة خلال الأسبوعين المقبلين في ولاية نيفادا وثم كارولينا الجنوبية. ويتوقع أن يحصد أوباما تأييد الاتحاد العمالي في نيفادا، في وقت ستسعى كلينتون الى الاستفادة من علاقتها القريبة من جماعات الضغط التابعة لأصحاب الملاهي في مدينة لاس فيغاس المحورية في الولاية، ومن الأقلية الهندية القريبة منها لتحقيق فوز هناك في 19 الشهر الجاري. وسيلي امتحان نيفادا، انتخابات كارولينا الجنوبية في 26 الجاري التي يبرز فيها حضور الافريقيين الأميركيين الذين تحولوا خلال الأيام الأخيرة عن دعم كلينتون، وفضلوا أوباما بعد نجاحه في أيوا. وستسعى كلينتون الى الحفاظ على تقدمها في ولاية فلوريدا التي ستصوت في 29 الشهر الجاري، في مقابل رهان جولياني على الفوز هناك وبدء انطلاقة متأخرة في السباق.