عشية إعلان الرئيس جورج بوش موافقته على خفض عديد قواته في العراق، أوضحت وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس خطة البيت الأبيض المستقبلية في المنطقة، مؤكدة سعي الولاياتالمتحدة الى مصالحة العراقيين وبسط الأمن في بلادهم للتفرغ لما سمته"المرحلة الانتقالية في الشرق الأوسط... ومواجهة الارهاب والعدوان الايراني انطلاقاً من العراق، بالتعاون مع الحلفاء". وعلى رغم الهجوم الأميركي العنيف على طهران، أعربت ايران عن استعدادها لمواصلة محادثاتها مع الولاياتالمتحدة حول الامن في العراق شرط ان تكون بناءة. وقال رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني في مؤتمر صحافي:"اذا كان الهدف من المحادثات مساعدة الحكومة العراقية وتحسين الوضع الامني والسياسي، فنحن على استعداد، لكن اذا كانت المسألة للتسلية فقد كبرنا على ذلك". الى ذلك، كشفت صحيفة لندنية أن القوات البريطانة نشرت جزءاً من وحداتها المنسحبة من البصرة على الحدود الايرانية - العراقية لمساعدة القوات الأميركية في وضع حد لتهريب الأسلحة وانتقال المقاتلين بين البلدين. وشنت رايس هجوماً عنيفاً على إيران أمس، وقالت إن على القوات الأميركية الانتهاء من مهمة فرض الأمن داخل العراق للاضطلاع بمهمات تتعلق"بالأمن الحدودي"لهذا البلد، لا سيما في مواجهة الجار الايراني. كما اعتبرت إرساء الاستقرار في العراق، عملية طويلة الأمد لن تنتهي مع خفض مستوى أعمال العنف والقوات. وأوضحت:"إننا في بداية مرحلة انتقالية في الشرق الأوسط، في بداية عملية طويلة الأمد تقضي بالتعامل مع ما سماه الرئيس جورج بوش قبل فترة طويلة، تحدياً لأمننا أطلقه التطرف القادم من الشرق الأوسط". وقبل يوم من خطاب لبوش، يتوقع أن يعلن فيه خططه لخفض القوات بثلاثين ألف جندي في حلول الصيف المقبل، قالت رايس إن الولاياتالمتحدة ترى أن مهمة إرساء الاستقرار في العراق ليست ببساطة تحسين الأمن داخل حدوده بل"أن تبدأ قوات أميركية بأعداد أقل من المستوى الحالي، تهتم بمسؤوليات أخرى"، بينها"الأمن الحدودي للعراق"مع جيرانه ولا سيما إيران. وتابعت في حديث الى برنامج"أن بي سي توداي"أن"إيران بلد جار مشاغب"، لافتة الى أن طهران"جاهزة لملء الفراغ في حال انسحاب الولاياتالمتحدة من العراق". وقالت إن"هذا ما نخاطر به هنا وعلينا المحافظة على المكاسب التي نحققها، وخلق ظروف لتمكين الحكومة العراقية ومسؤولين محليين من التوصل إلى مصالحة سياسية، كما يفعلون في الأنبار، ومن ثم مقاومة الارهاب والعدوان الايراني إنطلاقاً من العراق، وبالتعاون مع الحلفاء في الحرب على الارهاب". إلى ذلك، دعا السفير الأميركي في بغداد ريان كروكر الولاياتالمتحدة الى أن تلعب دوراً بعيد الأمد في العراق، خلال عرض للوضع في هذا البلد اتسم بلهجة أقل اعتداداً من نبرة البيت الابيض في الماضي. وقال، متحدثاً امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في اليوم الثاني لشهادته، الى جانب قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس:"اعتقد أنه كانت لنا في الماضي تطلعات لا يمكن بكل بساطة تحقيقها". وكان قال الاثنين:"أشعر بالاحباط في كل يوم أمضيه في العراق لعدم احراز تقدم كاف على صعيد المبادرات التشريعية. العراقيون أنفسهم يشعرون بالخيبة". وأضاف محذراً:"لن تكون هناك لحظة واحدة يمكننا إعلان النصر فيها"، وذلك بعد أربع سنوات على ظهور بوش على حاملة طائرات تحت لافتة عملاقة كتب عليها"المهمة أُنجزت". وأدلى كروكر 58 عاماً بشهادته أمام أعضاء الكونغرس بنبرة هادئة ومتزنة اتسمت أحياناً بالتشاؤم، وطغى عليه بعض الشيء الجنرال بترايوس الذي كانت شهادته موضع ترقب شديد. ومعلوم أن كروكر يتكلم العربية بطلاقة ويعتبر من أبرز خبراء الشرق الاوسط في الادارة الاميركية، وعني طوال حياته المهنية بشؤون العالم العربي والاسلامي وقلد وساماً تقديراً لشجاعته حين أعاد فتح السفارة الأميركية في كابول عام 2001 بعد سقوط نظام"طالبان". ويتوقع أن يعلن بوش اليوم قراره بإمكان سحب قسم من القوات الاميركية المنتشرة في العراق ويحدد في صورة خاصة تاريخ وحجم عملية خفض القوات المقررة. وسيكشف في خطاب متلفز يلقيه ويستمر لأكثر من ربع ساعة بقليل، ما إذا كان سيسحب في حلول تموز يوليو عام 2008، التعزيزات التي أُرسلت الى العراق عام 2007 وقوامها 30 ألف جندي، في وقت يبدو أن حصيلة ولايته الرئاسية برمتها تتوقف على ما ستؤول اليه حرب تلقى معارضة متزايدة لدى الرأي العام الاميركي. في لندن أفادت صحيفة"ذي اندبندنت"ان قوات بريطانية انتشرت في منطقة الحدود بين العراقوايران، وسط تحذيرات من كبار القادة الأميركيين من أن السلطات الايرانية تشن حرباً بواسطة ميليشيات عراقية مسلحة. وأوضحت الصحيفة ان طهران كانت هددت بالرد على أي هجوم تتعرض له من الأراضي العراقية. وأشارت ايضاً الى ان وزارة الدفاع اقرت بأنها أقامت قاعدة عسكرية ونقاط تفتيش ومراقبة عند الحدود الفاصلة بين البلدين. وأكدت ان ما يربو على 350 جندياً بريطانياً يشاركون في هذه العملية الأميركية، مضيفة ان تقارير أميركية تفيد بأن عناصر وثيقة الصلة بالحرس الثوري الايراني أرسلت امدادات عسكرية كبيرة الى الميليشيات الشيعية في الاسابيع القليلة الماضية. وحذرت الصحيفة من ان حشد القوات البريطانية يمثل استراتيجية بالغة الخطورة قد تسفر عن اشتباكات مع الميليشيات العراقية التي تلقى الدعم من ايران، أو قد تصطدم مع القوات الايرانية. وأعربت عن خشيتها من ان تدفع هذه العملية الايرانيين الى الانتقام. جاء هذا التطور، بعدما كانت القوات البريطانية توقفت عن أعمال الدورية على الحدود مع ايران في محافظة ميسان، على رغم ان السلطات الأميركية أعربت عن قلقها من ان تتحول المنطقة الى بؤرة لتهريب الأسلحة.