أقر مستشارون لدى البيت الأبيض ومسؤولون أميركيون سابقون أن اعلان واشنطن فتح حوار مع إيران حول العراق، يأتي انطلاقاً من"تعاظم"دورها وتأثيرها في حكومة نوري المالكي. ومحاولة أميركية"اضطرارية"لإنقاذ الخطة الأمنية والتصدي للكونغرس الداعي الى الانسحاب، في وقت استبعدت مصادر رسمية خطوة مماثلة مع دمشق نظراً الى نوع المطالب السورية. وقال الباحث في"مجلس العلاقات الخارجية"الذي يقدم استشارات الى الادارة الأميركية فالي نصر ل"الحياة"إن"عزم الولاياتالمتحدةوايران على اجراء محادثات في بغداد خلال الاسابيع القليلة المقبلة سببه تعاظم الدور الايراني في العراق والثقة التي تحظى بها طهران لدى الشيعة هناك". وهذا ما دفع الولاياتالمتحدة الى هذه الخطوة للضغط على حلفائها في بغداد وإقناعهم بالتحرك في موضوعي المصالحة ونزع سلاح الميليشيات. واشار فالي الى العامل الأميركي الداخلي و"عجز ادارة الرئيس جورج بوش عن إسكات الأصوات المعارضة للحرب داخل الكونغرس، والتي يتوقع أن تتضاعف مع حلول أيلول سبتمبر إذا جاء تقويم القائد الأعلى للقوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس للخطة الأمنية سلبياً، خصوصاً إذا لم تحرز حكومة المالكي تقدماً في العملية السياسية ومسألتي المصالحة والعودة عن اجتثاث البعث". وجاء اعلان طهرانوواشنطن عزمهما على المحادثات على مستوى السفراء وتأكيد الناطق باسم البيت الأبيض غوردون جوندرو أن"الرئيس أمر بهذه القناة للاتصال لأن علينا اتخاذ كل الخطوات الممكنة في سبيل استقرار العراق"ليعكس صراعاً داخل الإدارة على ما يقول فال، وظهر هذا الصراع في خطاب نائب الرئيس ديك تشيني من على متن حاملة الطائرات الراسية في مياه الخليج، وتأكيده الوقوف"الى جانب دول أخرى لمنع ايران من امتلاك اسلحة نووية والهيمنة على المنطقة"، مناقضاً بذلك لهجة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس خلال انعقاد مؤتمر شرم الشيخ، واعلانها الاستعداد للقاء نظيرها الايراني منوشهر متقي. ونقلت صحيفة"واشنطن بوست"أجواء اجتماع صاخب في البيت الأبيض قبل المؤتمر في 14 نيسان ابريل الماضي واعتراض تشيني ووزير الدفاع بوب غيتس على اقتراح رايس بإطلاق 5 ايرانيين محتجزين لدى الجيش الأميركي في العراق. وقال فال إن الخلاف يعود الى فشل مجلس الأمن القومي في أداء دوره، والتنسيق بين مكتبي تشيني ورايس. وأضاف ان لتشيني قدرة أكبر في رسم السياسة الخارجية والتأثير في قرار الرئيس على رغم تلقي المحافظين الجدد ضربات كثيرة في السنتين الأخيرتين واستقالة أسماء بارزة مثل دونالد رامسفيلد وجون بولتون واستبدالهما بمسؤولين أقرب الى رايس. من جهته، قال المبعوث السابق الى الشرق الأوسط دنيس روس إن أي حوار أميركي مع ايران"لن يتعدى الشأن العراقي لأن واشنطن تربط الملف النووي بديبلوماسيتها الدولية والجهود الأوروبية ومحاولة اقناع روسيا والصين بتشديد العقوبات على طهران". واستبعد أي حوار مماثل مع سورية حول العراق، مشيراً الى أن"الادارة وشخصيات نافذة في الخارجية والأمن القومي تعارض الانفتاح على دمشق". وقال ل"الحياة"إن قرار"لقاء رايس نظيرها السوري وليد المعلم تقرر في الأيام الأخيرة"وإن"مسؤولين رفيعي المستوى في فريقها وفريق تشيني اعترضوا على الخطوة". الى ذلك، أشار مساعد رايس لشؤون العراق ديفيد ساترفيلد الى أنه"لا ينوي زيارة دمشق في وقت قريب، ويتحاشى ذلك المرشحون للرئاسة مثل هيلاري كلينتون ديموقراطية وجون ماكاين جمهوري المتوقع أن يزورا المنطقة قريباً. وأوضح روس هذا الموقف السلبي من دمشق، فقال ان"مطالب سورية في استعادة نفوذها في لبنان واحتواء تأثير المحكمة ذات الطابع الدولي أسباب كافية لهذا الموقف".