أسفرت اللقاءات التي عقدها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وزعيم "حماس"، خالد مشعل، في القاهرة نهاية الأسبوع الماضي، عن تصريحات دعت الى التهدئة. واتفق الرجلان، وحولهما المستشارون و"الرعاية العربية"، على تنسيق مواقفهما تمهيداً لإنشاء لجنة تتولى هندسة التعاون بينهما. ومثل التصريحات العامة هذه هي ثمرة اجتماعات لا تثمر شيئاً، على جاري عادة مزمنة. فعلى رغم"اتفاق مكة"، وشراكة حكومة الوحدة الوطنية، تكاد"فتح"و"حماس"تختلفان على البنود السياسية كلها. فهما لا تلتقيان على الخط السياسي يقول د. محمود الزهار، وزير الخارجية السابق، وهو من"حماس"وممثل جناحها المتشدد: اتفقنا في مكة على احترام الاتفاقات المعقودة، ولكننا لم نتعهد علناً التزامها، والحركتان غير متفقتين على توزيع الأموال التي لم تودع بعد، وغير مجتمعين على توزيع الصلاحيات الأمنية فيما بينهما. و"أبو مازن"في وضع لا يحسد عليه. فنائب رئيس الحكومة، وهو من"فتح"، عزام الأحمد، سخر علناً من اللقاءات العقيمة التي يعقدها"أبو مازن"مع أولمرت. وإثر دعوته الى استئناف التهدئة، الأسبوع المنصرم وغداة تجدد قصف اسرائيل بصواريخ"القسام"رداً على مقتل تسعة فلسطينيين، لم يكتم المعلقون سخريتهم من تولي الرئيس الفلسطيني مهمة النطق باسم الأممالمتحدة، وتخليه عن التهديد بالرد، على شاكلة زعيم فلسطيني حقيقي يدين الأعمال الاسرائيلية إدانة قوية. وفي صفوف"حماس"نفسها، تتسع شقة الخلاف بين التيار المعتدل والمشارك في حكومة الوحدة الوطنية، وبين المتشددين، وعلى رأسهم قيادات جناح الحركة العسكري. ولكن ما يتوقع أن يؤدي الى سقوط حكومة الوحدة الوطنية، في غضون وقت قصير هو المفاوضة بين"فتح"و"حماس"على انضمام"حماس"الى منظمة التحرير. فالمعلقون الفلسطينيون مجمعون على استحالة صوغ تسوية في المسألة. ومنظمة التحرير هي ممثل الشعب الفلسطيني كله، وعلى خلاف حكومة السلطة، ممثل سكان الضفة وغزة وحدهم. وباسم المنظمة يعهد الى"أبو مازن"بالتسوية، على أن تتولى هيئات منظمة التحرير الموافقة عليها. و"حماس"غير ممثلة في منظمة التحرير. وتحولت هذه بنياناً قديماً تحظى فيه الجبهات اليسارية الماركسية بثقل راجح. والهيئة الثانية، مكانة ودوراً، في منظمة التحرير هي المجلس الوطني الفلسطيني. وهو نوع من برلمان يضم مئات من المندوبين الذين يمثلون الشتات الفلسطيني. والهيئة التي تحتل المرتبة الثالثة هي اللجنة المركزية للمنظمة. واتفق في لقاء مكة، وفي لقاءات سابقة، على اصلاح منظمة التحرير تمهيداً لانضمام"حماس"اليها. وليست المشكلة العصية هي وزن تمثيلها في مؤسسات منظمة التحرير، بل رفض"فتح"التخلي عن هيمنتها على المنظمة. ترتب الخلافات هذه على السياسة الاسرائيلية أعباء ثقيلة. ففشل المفاوضات بين"فتح"و"حماس"يفضي، حتماً، الى سقوط الحكومة الفلسطينية وشيكاً. وهذا ما يذهب اليه الناطقون باسم"حماس"عندما يتناولون إعداد"فتح"لاستئناف الحرب الدامية بين المنظمتين. وليس سراً خافياً ان محمد دحلان يحصل على أموال كثيرة من الولاياتالمتحدة، ويدرب آلاف المجندين. فهل من متناوله الحاق الهزيمة ب"حماس"؟ أشك في الأمر. ولكن الأقرب الى المنطق أن يؤدي سقوط حكومة الوحدة الوطنية الى تفكك السلطة الفلسطينية وانهيارها. وإذ ذاك لا مناص من تدخل اسرائيل. عن داني روبنشتاين، "هآرتس" الاسرائيلية، 30 / 4 / 2007