عاد الاتحاد الأوروبي إلى المحادثات مع إيران أمس، ليرى إن كانت طهران مستعدة لتعليق النشاط النووي بعدما واجهت مزيداً من العقوبات، لكن الزعماء الإيرانيين تعهدوا بعدم التراجع تحت الضغوط العالمية. وبدأت المفاوضات عند الثانية من بعد ظهر أمس بين كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي علي لاريجاني والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا. جاء ذلك في حين أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قد تجري محادثات ثنائية مع نظيرها الإيراني خلال مؤتمر العراق المقرر الشهر المقبل في مصر، لن تتناول مواضيع غير العراق أو خارج المؤتمر. لكن بوش قال انه سيدرس"بجدية"إمكانية عقد لقاء ثنائي مع الإيرانيين حول المسألة النووية إذا كان هذا الأمر من شأنه أن يساعد على تخلي الإيرانيين عن برامجهم لصنع"أسلحة نووية". ولكنه أضاف"لا اعتقد بأن نقاشاً مع الإيرانيين وحدهم في الوقت الراهن من شأنه إن يؤدي إلى النتيجة التي نريد". وقال لاريجاني لدى وصوله إلى أنقرة، إن مشاوراته مع سولانا تهدف إلى تقويم أفكار جديدة يمكن مناقشتها لمعالجة الأزمة التي يثيرها البرنامج النووي لبلاده، معتبراً الشروط المسبقة الغربية"غير منطقية لوقف التخصيب أحبطت التوصل إلى حل حتى الآن". وأضاف:"هذا هو السبب في أن هناك أفكاراً اخرى جديدة. يفترض أن تعرض علينا. وهذا هو السبب في أننا هنا. وإذ شدد على انه يجهل طبيعة الاقتراحات التي قد تقدم، رفض لاريجاني التكهن بنتائج المشاورات. وقال ديبلوماسيون رفضوا كشف هويتهم إن الولاياتالمتحدة وأوروبا وروسيا والصين مستعدة لمنح إيران فرصة إضافية لتتخلى تدريجاً عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وذكر لاريجاني بأنه سبق أن أجرى سلسلة محادثات مع سولانا، واستدرك:"لكن شروطاً غير منطقية طرحت ولم نقبل بها". وكرر أن طهران تحترم معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفاً التعثر الحالي بأنه سياسي. وقال مساعدون لسولانا انه سيشجع لاريجاني في المحادثات على قبول"التعليق المزدوج"أي وقف كل النشاطات المتعلقة بالتخصيب مقابل تجميد إجراءات تنفيذ عقوبات مجلس الأمن. وهذه هي صيغة مجلس الأمن لبدء المفاوضات في شأن الحوافز التجارية المعروضة على إيران مقابل عدم الاستمرار في التخصيب. وتناول لاريجاني الغداء إلى مائدة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قبل أن يباشر محادثاته مع سولانا في فندق في أنقرة. ومن المقرر أن يلتقي لاريجاني وسولانا صباح اليوم وزير الخارجية التركي عبدالله غل ثم يصدرون بياناً مشتركاً. وسيجتمع المسؤولان الإيراني والأوروبي أيضاً بالأمين العام لمجلس الأمن القومي التركي يجيت البدوغان لمناقشة مسائل استراتيجية. ويرافق لاريجاني مساعده جواد واعدي ونائب وزير الخارجية الإيراني عباس ارقشي ونائب رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة النووية محمد سعيدي. وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن زيارة سولانا أنقرة مهمة لإعطاء المفاوضات فرصة أخرى، وأكدوا استراتيجية"المسار المزدوج"الذي يوازن بين العقوبات والمزايا التجارية من خلال المفاوضات. وعبر سولانا عن الأمل في أن تتوافر"صراحة"إيرانية لإيجاد أرضية مشتركة لمفاوضات جادة لحل المواجهة المتفجرة. ونفت الخارجية الأميركية تقريراً بأن الولاياتالمتحدة والقوى الكبرى الأخرى مستعدة لدراسة حل وسط يستند إلى اقتراح إيراني يسمح لطهران بمواصلة بعض نشاطات التخصيب. وقال شون ماكورماك الناطق باسم الخارجية:"المطلوب وقف النشاطات المرتبطة بالتخصيب وعندئذ يمكنهم أن ينخرطوا في مفاوضات"مع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا. وأضاف أن الولاياتالمتحدة تؤيد محادثات سولانا التي هي جزء من جهود بعد فرض عقوبات الأممالمتحدة"لمحاولة الحصول على التزام من الإيرانيين وتوضيح أن طريق المفاوضات ما زال مفتوحاً أمامهم... نأمل بأن يلتزموا فعلاً". جاء ذلك في حين تستعد حاملة الطائرات الأميركية جون ستينيس لدخول الشهر الثالث في إطار مهمتها التي بدأتها بين الخليج وبحر العرب في شباط فبراير الماضي. وإضافة إلى دعم قوات التحالف في أفغانستان، فإن ستينيس تجري أيضا"عمليات أمنية بحرية". وانضمت ستينيس في شباط فبراير إلى حاملة الطائرات ايزنهاور لتكون ثاني مجموعة مقاتلة لحاملة طائرات تتواجد في المنطقة. وهذه أول مرة تتواجد فيها حاملتا طائرات في المنطقة منذ غزو العراق. جاء ذلك في وقت صرح الأميرال الأميركي وليام فالون القائد الجديد للعمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط في أبو ظبي بأن بلاده لا تسعى إلى مهاجمة إيران وتفضل الحوار لحل الخلاف النووي. وقال الأميرال فالون:"لست مهتماً بالتخطيط لعمليات ضد إيران. إني مهتم كثيراً في محاولة حمل إيران على الالتزام بحوار متعقل". وأضاف أن على إيران أن تتحدث إلى العالم"لا سيما إلى هذه المنطقة الخليج عن المستقبل والدور الذي ينبغي عليهم الإيرانيون الاضطلاع به. آمل بأن يكون الحديث بناء أكثر من أن يكون مسبباً لزعزعة الاستقرار".