نجحت محادثات"الفرصة الأخيرة"التي عقدت على مدى اليومين الماضيين في العاصمة النمسوية فيينا بين الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافير سولانا وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، في إحراز تقدم من شأنه تذليل العقبات أمام استئناف الحوار مع طهران في شأن ملفها النووي المثير للجدل. تزامن ذلك مع اعلان الناطق باسم الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي امس، ان طهران"مستعدة للاستماع الى آراء الاتحاد الأوروبي حول البرنامج النووي وكل المسائل ستطرح على طاولة المفاوضات". وشدد على ان مسألة تعليق تخصيب اليورانيوم" باتت من الماضي، ونحن نريد مفاوضات من دون شروط". وفي أعقاب محادثاته مع لاريجاني، اعلن سولانا عن اتفاق الجانبين على عقد جولة جديدة من المفاوضات خلال الأسبوع الحالي. وتحدث سولانا عن أجواء إيجابية و بناءة أحاطت باجتماعه مع الوفد الإيراني الرفيع المستوى الذي ترأسه كل من لاريجاني و نائبه محمد جواد وعيدي بالإضافة إلى مندوب طهران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية. و أكد سولانا أن الطرفين توصلا بعد سبع ساعات من العمل إلى وجهات نظر مشتركة أسهمت في إزالة بعض سوء الفهم في إشارة منه إلى رد طهران على عرض الحوافز المقدم لها من قبل الدول الست ملخصاً نتائج اللقاء بأنه كان مجدياً. وتطابق تقويم كبير المفاوضين في الملف النووي الإيراني للاجتماع مع وجهة نظر الديبلوماسي الأوروبي، اذ أكد مجدداً أنه ساعد في التوصل إلى نقاط التقاء وإزالة بعض من الغموض في رد طهران على مجلس الأمن. واتفق الجانبان على الالتقاء مجدداً واستئناف الحوار في غضون أيام، من دون ذكر توقيت معين أو تحديد مكان انعقاد اللقاء، وسط توقعات بانعقاده بعد يوم الأربعاء المقبل، أي في أعقاب عودة سولانا من زيارة رسمية لكينشاسا. وانعكست تصريحات الجانبين تفاؤلاً في أوساط المراقبين للملف النووي الإيراني اذ أعرب الكاتب النمسوي هلموت بوك المتخصص في الشؤون الشرق أوسطية عن اعتقاده بأن تمهد هذه"الجولات"لوضع أرضية مشتركة تبنى عليها مفاوضات مستقبلية بين طهران والغرب مما قد يجنب الأخيرة احتمال فرض عقوبات عليها. ومن المقرر أن تبدأ اليوم، مشاورات بين الدول الست وهي الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا، للبحث في ما تم التوصل إليه حتى الآن على صعيد الملف النووي الإيراني مع الأخذ بالاعتبار نتائج اجتماع سولانا و لاريجاني. آصفي في طهران، نفى الناطق باسم الخارجية الإيرانية ان يكون الملف النووي لبلاده قد وصل الى طريق مسدود وقال ان ذلك مرده الى ان"نشاطاتنا شفافة وعلنية والجميع يصر على حل الموضوع عن طريق الحوار والديبلوماسية". وخلال أخر مؤتمر صحافي له كناطق رسمي باسم الخارجية، طالب آصفي سولانا ب"الاستفادة من فرصة"مباحثاته مع لاريجاني، مشيراً الى ان طهران" مستعدة للاستماع الى آراء الاتحاد الأوروبي حول البرنامج النووي وكل المسائل ستطرح على طاولة المفاوضات"مشدداً على ان مسألة تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم" باتت من الماضي ونحن نريد مفاوضات من دون شروط". وأكد آصفي ان إيران"لن تتراجع الى الوراء ، وهي تصر على رفض اي مفاوضات بشروط مسبقة"، مشيراً الى ان المحادثات بين لاريجاني وسولانا كانت جيدة، معرباً عن أمله في ان تتيح " فرصة للتوصل الى حل وسط يسمح لنا بالحصول على حقوقنا وتبديد مخاوف الجانب الآخر"، وذلك في اشارة الى موقف طهران المتشدد حول الشرط المسبق للتعليق ، واستعدادها لوضع موضوع أنشطة تخصيب اليورانيوم في بعدها المخصص للأبحاث والتحقيقات العلمية على طاولة البحث بعدما تجاوزت مأزق توقف نشاطات تخصيب اليورانيوم لأهداف صناعية. إلا ان طهران تسعى الى وضع سقف زمني للتعليق الصناعي والتوصل الى حل للتخصيب العلمي بإشراف دولي ومن قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال المفاوضات التي قد لا تنتهي في المدى المنظور، الا أنها ستبعد عنها كأس العقوبات الاقتصادية والسياسية وتدخل مجلس الأمن . وتحدث آصفي عن إمكانية ان تفرض على إيران عقوبات اقتصادية وسياسية في حال لم يتوصل الجانبان الإيراني والأوروبي الى توافق حول الأزمة الموجودة ، فشدد على ان" الحديث سابق لأوانه والجمهورية الإسلامية اتخذت كل الإجراءات الضرورية ولن تفاجأ بأي عقوبات محتملة ولن ندع أياً من الأطراف يباغتنا في هذا الأمر ويلوي ذراعنا". وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي أشارت فيه مصادر مطلعة على محادثات لاريجاني سولانا إلى أنها تطرقت الى مواضيع حساسة تتعلق بكيفية ترتيب وقف تخصيب اليورانيوم من خلال التوافق على استمرار المفاوضات. وتأتي هذه المواقف في الوقت الذي أوردت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية كلاماً عن وزير الخارجية منوشهر متقي بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتخلى عن حقها في التكنولوجيا النووية ولكنها مستعدة للتعاون الكامل في شأن الإشراف الدولي والشفافية في إطار القانون الدولي. لكن آصفي حذر من جهته بان أن إيران" ستتبنى سياسات جديدة إذا ما قرر الغرب تبني مسار المواجهة"مشدداً على ان ملف بلاده أمام مفترق طرق" إما ان يحل من طريق الحوار ، وإما ان يذهب الى مجلس الأمن عندها ستلحق نتائج ذلك بالطرف الأوروبي". واعتبر آصفي الإجراء الأميركي بوقف التعامل مع"بنك صادرات إيران"بأنه" عمل طفولي ،واعتقد بأن عدم الاتزان يسيطر على الأميركيين ويعتقدون بأنهم بمثل هذه الإجراءات سيؤثرون في نشاط إيران وفعاليتها السياسية وهذا خطأ"، مضيفاً" نحن نعلم ان الأميركيين يمارسون ضغوطاً على الدول الأخرى من خلف الستار ، لكننا مستعدون لكل الأمور".