قُتل ما لا يقل عن 73 شخصاً، أمس، في المعارك المتواصلة لليوم الرابع على التوالي بين القوات الإثيوبية والميليشيات الإسلامية والعشائرية في مقديشو، لترتفع حصيلة القتلى منذ الأربعاء إلى أكثر من 200. وأمطرت القذائف الصاروخية التي تبادلها الطرفان العاصمة الصومالية، واكتظت المستشفيات بالجرحى، فيما نزح مئات السكان من مقديشو التي باتت أشبه بمدينة أشباح. وهزت موجات القصف مقديشو طوال ليل الجمعة وحتى صباح أمس، ما أسفر عن مقتل مزيد من المدنيين. وقال شاهد:"هناك الكثير من القتلى. أحمل جثتي اثنين من أفراد أسرتي في سيارتي الآن". وعاش سكان العاصمة ليلة مرعبة يميزها دوي القصف المستمر المصحوب بأصوات عواصف ضربت المدينة. وقال شاهد:"في مرحلة ما كان لا يمكن أن نفرق بين الصوتين. كانت نوافذ منزلي تهتز". وذكر شهود أن قذائف مورتر سقطت من مواقع إثيوبية على الأرجح على مكاتب هيئة الإذاعة الخاصة"هورن أفريك"القرن الأفريقي صباح أمس، ما أسفر عن جرح عدد من الصحافيين. وأعلنت منظمة حقوقية محلية أن المعارك منذ يوم الأربعاء أسفرت عن سقوط 131 قتيلاً. لكن هذه الحصيلة مرشحة للارتفاع مع تأكيد مصادر طبية وشهود سقوط أكثر من 73 قتيلاً في معارك أمس. وقال مدير منظمة"ايلمان بيس أند هيومان رايتس"سودان علي احمد إن"عدد المدنيين الذين سقطوا في معارك الأربعاء والخميس والجمعة في مقديشو هو 113 قتيلاً و229 جريحاً، طبقاً لمستشفيات ومنظمات إنسانية وشهود". وفر مئات في شاحنات وعلى ظهور الماشية وسيراً على الأقدام، هرباً من تجدد القتال. وقدرت الاممالمتحدة عدد النازحين منذ شباط فبراير الماضي بنحو 321 ألف شخص، أي نحو ثلث سكان مقديشو. وقال علي حاجي 50 عاماً الذي اصطحب عائلته خارج مقديشو الشهر الماضي ولكنه عاد لحماية منزله وممتلكاته:"نحن مصدومون. لا أرى نهاية لهذا. لقد اكتفيت. سأترك المنزل. أجد نفسي محاصراً بين جماعتين: الإثيوبيين الذين يحاولون قتلي لأنني صومالي والمسلحين الغاضبين لأنني لا أحمل السلاح وأقاتل معهم... لقد فقدت الأمل". وتحصن أفراد الميليشيات وراء أكياس رمال وتحركوا في الشوارع في سيارات نقل حولوها مركبات حربية، بينما دهمت القوات الإثيوبية والصومالية معاقلهم بسيارات مدرعة. وقُتل رب عائلة وثلاثة من انجاله عندما سقطت قذيفتا هاون على منزلهم قرب سوق بكارا في جنوب مقديشو، كما قُتل سبعة آخرون نتيجة سقوط قذيفة هاون على حافلة صغيرة في حي هودان جنوب. وذكر شاهد أنه رأى الحافلة تنفجر، وأن بعض الجرحى في حال حرجة. وأفاد مراسل لوكالة"فرانس برس"أن جنوداً إثيوبيين متمركزين قرب القصر الرئاسي في جنوب مقديشو أطلقوا نيران مدافع الهاون والقذائف الصاروخية صباحاً على عدد من المخابئ المفترضة للميليشيات التي ردت عناصرها بإطلاق نيران الأسلحة الثقيلة. وتتركز المعارك في حي فقه شمال وحي سوق بكارا. ولم تسلم المقابر من القصف أمس، ما اضطر سكان مقديشو إلى دفن قتلاهم في مقابر موقتة. وأصبحت غالبية مناطق العاصمة مدن أشباح بشوارعها الخالية وبناياتها المحطمة. أما المستشفى الوحيد الذي يعمل، فيكتظ بالمصابين وتدوي أصوات الصراخ في ممراته. وأكد شهود أن الوصول إلى المستشفى محفوف بالخطر، إذ يتحتم السير في شوارع تشهد تبادلاً لإطلاق النيران وانفجارات.