واشنطن - أ ف ب – رأى خبراء أميركيون أن تركيز وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) على التسلح لملاحقة الإرهابيين والقضاء عليهم أو حتى المشاركة في مهمات الجيش، «يجعلانها تجازف في إغفال أساس وجودها المتمثل بتنفيذ مهمات تجسس». وأشار هؤلاء إلى أن عملية تصفية الجيش الأميركي زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن مطلع أيار (مايو) الماضي تدل على ذلك، كونها نفذت بإشراف وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) التي تتولى عادة جمع معلومات وتحليلها لتقدمها إلى الإدارة الأميركية. وصرح ريتشارد كون، الأستاذ في جامعة كارولاينا الشمالية، بأن خدمات مكتب الخدمات الاستراتيجية «أو إس إس» الذي أنشئ خلال الحرب العالمية الثانية وحلّت «سي آي أي» بدلاً منه، تركزت على العمليات شبه العسكرية ومحاولة بث فوضى خلف خطوط العدو، لكن عمل هذا الجهاز السري تغير بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، حين باتت الوكالة تلاحق الإرهابيين في العالم في سبيل اعتقالهم أو تصفيتهم. وفي باكستان، تدير «سي آي أي» الغارات التي تشنها طائرات أميركية بلا طيار، على رغم أن عسكريين في سلاح الجو يتولون توجيه الطائرات مدنياً، أما في أفغانستان فجندت الوكالة 3 آلاف أفغاني لملاحقة المتمردين. وكتب الباحث رافاييل راموس أن «نقاط التباين الثقافية بين وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وسي آي أي اختفت بفضل تشجيع محللين كثيرين للوكالة في العراق انبثاق ثقافة مشتركة». ويقول مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية إن «نشاط سي آي أي أصبح عملانياً إلى حد كبير منذ بدء الحرب على الإرهاب، وهو حقق نجاحاً «إذ نقتل الناس بسرعة أكبر من القدرة على استبدالهم». وأرست وحدة العمليات الخاصة في «البنتاغون» تعاوناً مؤسساتياً مع عملاء «سي آي أي»، لكن ذلك أثار مشاكل قانونية وفق اتحاد الحريات المدنية، لأن الإدارة يمكن أن تنكر العمليات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، فيما تخضع النشاطات العسكرية للقوات الخاصة لإطار تشريعي إلزامي. ويرى وزير الدفاع ليون بانيتا أن التداخل بين القوات الخاصة ووكالة الاستخبارات المركزية يعطي الرئيس «بعض المرونة» في استخدام القوة، مع العلم أن تولي بانيتا سابقاً منصب مدير «سي آي أي» يثبت هذا التداخل، وهو خلف في «البنتاغون» الوزير السابق روبرت غيتس الذي أمضى 27 سنة في «سي آي أي». لكن الأخطار ترتبط باحتمال أن تغفل «سي آي أي» سبب وجودها، وهو تنفيذ عمليات استخباراتية. وقال غيتس قبل مغادرته «البنتاغون» نهاية حزيران (يونيو): «على رغم أننا شهدنا تقدماً فعلياً وابتكاراً على المستويين التكتيكي والعملاني، إلا أنني أبقى قلقاً من نوعية استخباراتنا على المستويين السياسي والاستراتيجي». وتحدث غيتس عن الحاجة إلى التنبه «لخطر الانهماك بعمل الاستخبارات، وعدم إعطاء انتباهٍ كافٍ للتحليل والتجسس الاعتياديين». وقال ريتشارد كون إن الأخطار بالنسبة إلى واشنطن «تشمل عدم توقعها حصول تطورات حاسمة في العالم، علماً أن تركيزها على الإرهابيين وإغفالها الشعوب، جعلاها لا تتوقع ظهور الربيع العربي».